الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك كالخمر والخنزير أو بعين من أعيان ماله، فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته، بل يحكم بصحة الشراء وعدم انتقال شئ من تركته إلى البائع، لان كون الثمن خلا أو شاة - مثلا - ليس مفاد أصالة الصحة، كما أنه ليس من آثار الصحة شرعا، بل هو من اللوازم العقلية، لان صحة البيع متوقفة عقلا على أن يكون الثمن هو هذا، فلا يثبت بأصالة الصحة.
وقد ذكر في مقام الاشكال على هذا التفريع وجهان:
الأول: انه ان جرت أصالة الصحة في العقد الواقع بلا ان يترتب عليها انتقال المثمن إلى المشترى، كان جريانها بلا اثر - إذ اثرها هو حصول النقل والانتقال وهو غير متحقق كما هو الفرض - فلا معنى لجريانها. وان ترتب عليها انتقال المثمن إلى المشترى بلا انتقال العين من تركته إلى البائع، كان البيع بلا عوض وهو خلاف مفهوم البيع.
الثاني: العلم الاجمالي بكون أحد العينين ليس ملكا له، لأنه ان وقع البيع بالخل - مثلا - فقد خرج عن ملكه. وان وقع بالخمر فالمبيع ليس ملكه. فاجراء الأصلين - أعني: أصالة الصحة، وأصالة بقاء العين على ملكيتها للمشترى - يستلزم مخالفة قطعية للعلم الاجمالي، وهي غير جائزة.
ولكن هذين الوجهين لا ينهضان لمنع جريان أصالة الصحة في المورد المزبور.
اما الأول: فيدفع بان الحكم بعدم انتقال الخل لا يستلزم الحكم بوقوع البيع بلا عوض، بل يقتضى عدم ثبوت العين الخاصة ثمنا، اما عدم ثبوت الثمن بالمرة فهذا أجنبي عن ذلك، بل ثمن المثل ثابت في الذمة.
واما الثاني: فهو أجنبي عن عدم قابلية الأصل للجريان، إذ عدم جريان الأصل في الفرض يكون لاجل وجود المانع، لا لأنه في نفسه غير قابل - الذي هو محل الاشكال - ولذلك فلا مانع من جريانه فيما لو لم يكن العلم الاجمالي منجزا، كما