البحث وهو: أنها هل تدل على وجوب الاحتياط، من غير جهة اعتبار الفحص واليأس عن الدليل في اجراء البراءة؟.
وعليه، فإذا فرضنا - كما هو مفروض كلام شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) - حمل الرواية على الفرض الثالث، فلا محالة يتم دلالة الرواية على وجوب الاحتياط، وأن الوظيفة في مورد الشك انما والاحتياط دون البراءة، فإنه إذا كان الواجب هو الاحتياط وعدم الفتوى بالبراءة حتى مع الفحص واليأس عن الدليل، كانت الوظيفة - لا محالة - في الشبهة البدوية هو الاحتياط دون البراءة، والا لم يكن موجب للاحتياط عن الفتوى أو الفتوى بالاحتياط مع كون حكم المورد هي البراءة، كما هو ظاهر.
إلا أن الظاهر من الرواية هو الفرض الثاني - كما أشرنا إليه -، فهي تدل عل الاحتياط قبل الفحص واليأس عن الدليل، فما دام لم يتحقق الشرط - وهو الفحص - على المكلف الاحتياط. حتى يسأل ويتعلم، أي: حتى يفحص.
وبكلمة أخرى: الرواية دالة على الاحتياط في الفتوى أو الفتوى بالاحتياط ما دام لم يتحقق منه الفحص، وهو السؤال عن حكم الموضوع وتعلمه في ما بعد.
وعليه، فالرواية لا تدل على وجوب الاحتياط في ما هو محل الكلام، وهو ما بعد الفحص واليأس عن الدليل، وهذا اشكال أخر يتوجه عليها غير الاشكال الذي وجهه إليها شيخنا الأنصاري (قدس سره). فلاحظ وتأمل.
ثم إن شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) أفاد بأنه: بناء على التسليم بكون المورد من الأقل والأكثر الاستقلاليين، والتسليم بكون الوظيفة فيه هو الاحتياط، لا يتم الاستدلال بها لمحل البحث. فإنه - على هذا - يكون التكليف بالأكثر معلوما في الجملة، ووجوب الاحتياط في مثله بمقتضى الرواية، لا يوجب التعدي والاحتياط في الشبهة البدوية، التي لا يكون التكليف فيها معلوما