ولذلك يكون ما أورده المحقق الأصفهاني (قدس سره) من منع إرادة العقوبة الأخروية من الهلكة واردا على كلا الوجهين.
فقد أفاد (قدس سره) ما نصه: " فالأولى المنع من ظهور الهلكة في خصوص العقوبة ". لان هذا الكلام ذكر في موردين، لا مانع من إرادة العقوبة في أحدهما ولا يمكن ارادتها في الاخر.
أما الأول: ففي ذيل مقبولة عمر بن حنظلة - بعد ذكر المرجحات وفرض التساوي من جميع الجهات - حيث قال (عليه السلام): " إذا كان كذلك فأرجه حتى تلقى إمامك، فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات "، فإنه لا مانع من إرادة العقوبة، لان المورد من الشبهات التي يمكن ازالتها بملاقاة الإمام (عليه السلام).
مع أنه يمكن ان يقال: ان المراد هو التوقف من حيث الفتوى على طبق احدى الروايتين في مقام فصل الخصومة، كما هو مورد المقبولة.
ولذا لا تعارض الاخبار الدالة على التخيير بعد فرض المساواة، فإنه لا مجال للتخيير في مقام فصل الخصومة، فان كلا من المتخاصمين يختار ما يوافق مدعاه، فيبقى الخصومة على حالها.
وعليه، فلزوم التوقف في الشبهة القابلة للإزالة أو التوقف في الفتوى لا ربط له بما نحن فيه. فكون الهلكة بمعنى العقوبة في مثلهما لخصوصية المورد.
وأما الثاني: ففي موثقة مسعدة بن زياد، عن الصادق (عليه السلام)، عن أبيه (عليه السلام)، عن ابائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال (صلى الله عليه وآله): " لا تجامعوا في النكاح على الشبهة، وقفوا عند الشبهة.
يقول: إذا بلغك أنك قد رضعت من لبنها أو أنها لك محرمة، وما أشبه ذلك. فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة "، فإنه لا شبهة في أن الهلكة لا يراد منها العقوبة، بل المفاسد الذاتية الواقعية. كيف؟ وقد نص في موثقة مسعدة