والجواب عنه - كما عن شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) -:
أولا: بان الامر بالاحتياط في الرواية اما محمول على الارشاد، أو على المولوي الجامع بين الوجوب والاستحباب. وذلك لان حمله على الوجوب كلية يستلزم التخصيص بالأكثر، وهو مستهجن. بيان الملازمة: ان الشبهات الموضوعية خارجة بنحو مطلق، سواء فيها الوجوبية والتحريمية. كما أن الشبهة الحكمية الوجوبية أيضا خارجة، للاتفاق على عدم وجوب الاحتياط في هذه الموارد. وبما أنه لا مجال لحمله على الاستحباب، لوجوب الاحتياط في بعض الفروض، كموارد العلم الاجمالي. فلا بد اما الحمل على الارشاد، وحينئذ يكون اللزوم وعدمه تابعا للمرشد إليه، كما مرت الإشارة إليه سابقا. أو الحمل على الجامع بين الوجوب والاستحباب.
والنتيجة: انه لا دلالة لها على الوجوب كلية.
وثانيا: ان الظاهر كون الامر بالاحتياط في الرواية امرا استحبابيا مولويا، وذلك بقرنية قوله (عليه السلام): " بما شئت " فان هذه الجملة تقال في موردين:
أحدهما: لبيان التخيير في مراتب الشئ، وفي مثل المقام يكون المراد هو التخيير في مراتب الاحتياط. نظير ذلك في الفارسية: " بكوهر مقدار كه دلت بخواهد " أو ما تعريبه: " قل ما شئت " فإنه يراد به التخيير في مقدار الكلام، قليلا أو كثيرا.
والآخر: لبيان المرتبة العالية من الشئ، كما يقال في الفارسية: " أين كار يا سخن.. خوب بود هر مقدار كه دلت بخواهد " أو ما تعريبه: " هذا الفعل أو الكلام.. كان حسنا ما شئت " اي كان في أعلى مراتب الحسن وفي المقام يراد به:
المرتبة العالية من الاحتياط. (*)