أما صغرى: فلان الأحكام الشرعية غير تابعة للمضار والمنافع الشخصية، بل هي تابعة للمصالح والمفاسد النوعية، فاحتمال الحكم لا يستلزم احتمال الضرر.
وأما كبرى - وهو محل الكلام في هذا المقام -: فإنه على تقدير تسليم ان تكون الاحكام ناشئة من المضار والمنافع الشخصية، أو قلنا بعدم الفرق بين الضرر النوعي والشخصي - ببيان: ان العقلاء لا يفرقون بين الضرر المتوجه على الشخص والضرر المتوجه على الغير، ولا يفرقون في الغير بين أن يكون فردا أو نوعا -، فلنا ان ننكر أصل وجوب دفع الضرر الدنيوي المحتمل لوجهين:
الأول: ان التحرز عن الضرر ولو كان مقطوعا، لم يحرز الملاك فيه، وانه بملاك حكم العقل بقبح الاقدام على ما فيه الضرر، أو أنه ناشئ عن العاقل بما هو ذي شعور محب لنفسه، الذي يشترك فيه مع الحيوان، فهو فطري جبلي.
وعليه، فلا سبيل لنا إلى دعوى كون القاعدة مما يحكم بها العقل، فان أصل التحرز محرز لكن ملاكه غير محرز.
الثاني: انه يمكننا ان نلتزم بأن دفع الضرر ليس بملاك حكم العقل بوجوبه، وذلك لان الاقدام على ما فيه الضرر اما أن يكون علة تامة للقبح كالظلم. أو مقتضيا له - ونعني به ما كان بطبعه قبيحا لولا عروض صفة عليه مانعة كالكذب القبيح في نفسه المرتفع قبحه فيما إذا كان مقدمة لواجب أهم كحفظ نفس المؤمن -.
والأول باطل جزما، لان الاقدام على ما فيه الضرر لا يكون قبيحا إذا كان بداع عقلائي يخرجه عن كونه سفهيا وتهورا، كهبة المال للأجنبي إذا كانت مقدمة لدفع الضرر عنه أو جلب منفعة كبيرة إليه. والثاني ممنوع أيضا، لأنه لو كان قبيحا لو خلي ونفسه لم يرتفع قبحه بلا