الحكم العقلي العملي - بمعنى ما ينبغي أن يعمل وما ينبغي أن يترك - الراجع إلى التحسين والتقبيح، ولا بمعنى بناء العقلاء عملا، كبنائهم عل العمل بخبر الثقة ونحوه.
أما الأول، فلان معناه في ما نحن فيه، هو اذعان العقل بقبح الاقدام على ما فيه الضرر، ومرجع الحكم بالقبح هو الحكم بكون الفعل مذموما عليه لدى العقلاء، وذم الشارع عقابه.
ومن الواضح ان الاقدام على ما فيه العقاب والذم العقلائي لا يترتب عليه سوى العقاب والذم الذي أقدم عليه ولا يكون موردا لعقاب وذم آخر، سواء في ذلك المقطوع والمحتمل.
هذا، مع أن الحكم بالقبح من باب بناء العقلاء عليه لاجل حفظ النظام ومن الواضح ان الاقدام على العقاب اقدام على مالا يترتب إلا في نشأة أخرى أجنبية عن انحفاظ النظام واختلاله. إذن فالاقدام على محتمل الضرر، بل مقطوعه، خارج عن مورد التحسين والتقبيح العقليين.
وأما الثاني، فلان بناء العقلاء عملا على شئ كالعمل بخبر الثقة وبالظاهر، ينبعث عن حكمة نوعية في نظر العقلاء تدعوهم إلى العمل المزبور.
ومن البين أن الاقدام على العقاب المحتمل، بل المقطوع، لا يترتب عليه إلا ما هو المحتمل والمقطوع من دون وجود مصلحة مترتبة على ترك الاقدام زائدة على الفرار من ذلك المحتمل والمقطوع.
ثم بعد ذلك أفاد (قدس سره): أن الفرار عن الضرر فطري وطبعي ينبعث عن حب النفس المستلزم لفرار عما يؤذيه (1).
هذا ما أفاده (قدس سره) نقلناه ملخصا وهو متين. قد أشرنا في الجهة