الثاني: انه لو التزم بتحكيم أدلة نفي الحرج في مورد يكون العلم بامتثال التكليف مستلزما للحرج، فما نحن فيه ليس كذلك، لأن كل تكليف في حد نفسه لا حرج في الجمع بين محتملاته في مقام تحصيل العلم بامتثاله، وانما الحرج في الجمع بين محتملات مجموع التكاليف وهو ليس من مقتضيات تكليف وحداني، إذ كل تكليف انما يقتضي الجمع بين محتملاته خاصة لا الجمع بينها وبين محتملات غيره، وليس مجموع التكاليف تكليفا وحدانيا كي يرتفع لاجل الحرج في الجمع بين محتملاته، بل حاله حال تكاليف متعددة كان الحرج في امتثال مجموعها - كما لو عسر عليه صيام شهر رمضان كله -، فإنه لا ترتفع جميع التكاليف بأسرها، بل اللازم امتثال كل واحد حتى يتحقق العسر فيسقط الباقي. فلاحظ (1).
ولا يخفى عليك ان المناقشة في حكومة دليل نفي الحرج على وجوب الاحتياط ليست بمهمة جدا، إذ الاحتياط التام يستلزم اختلال النظام - كما أشرنا إليه -، ومع ذلك يسقط وجوبه بلا شبهة ولا اشكال. وإنما تعرضنا لتفصيل بعض الكلام في ذلك مماشاة للاعلام (قدس سرهم)، فالتفت.
وأما ما أفاده في الكفاية من: انه لو التزم بتحكيم أدلة نفي الحرج ونفي وجوب الاحتياط التام بها، فلا مجال للالتزام بلزوم الاحتياط في بعض الأطراف.
فقد عرفت أنه يبتني عليه مسلكه القائل بعدم التوسط في التنجيز - خلافا للشيخ -، وهو محل كلام بين الاعلام، ونوكل تحقيقه إلى محله في مباحث العلم الاجمالي (2).