عنهم (1) بل كلام المنتهى يشعر بكون ذلك اتفاقيا عند الأصحاب (2) والحكم بذلك مطلقا لا يخلو عن إشكال.
الثالث: إباحة السفر، ولا خلاف بين الأصحاب في أن جواز السفر شرط في جواز التقصير، فلو كان معصية لم يقصر كاتباع الجائر، وصيد اللهو، والسفر في ضرر المسلمين، والفساد في الأرض. والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى كل سفر حرام، سواء كانت غايته معصية كقطع الطريق أو قتل مسلم وكالنشوز والإباق للمرأة والعبد، أو كان نفس سفره معصية وإن لم يكن غايته معصية كالفرار من الزحف، والسفر بعد تعلق وجوب الجمعة، وسلوك طريق يغلب على الظن الهلاك فيه، والسفر المستلزم لترك واجب كتحصيل العلم الواجب والنفقة الواجبة.
ولو رجع المسافر العاصي عن المعصية في أثناء السفر يقصر إن كان الباقي مسافة، ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخصه، لا أعلم فيه خلافا بينهم، فلو عاد إلى الطاعة قصر، وهل يعتبر كون الباقي مسافة؟ فيه قولان، أقربهما العدم. ولو صاد للتجارة فالأقرب أنه يقصر في صلاته وصومه.
الرابع: عدم زيادة السفر على الحضر كالمكاري، والملاح، وطالب القطر والنبت، وطالب الأسواق، والبريد، فإنهم يتمون على الأشهر الأقرب، والظاهر أن مرجع الأمر صدق المكاري والملاح وأمثالهم عرفا، والظاهر أن صدق أن فعلهم السفر كاف في وجوب الإتمام.
وتوجد في كلام جمع من الأصحاب تحديدات غير مستندة إلى حجة صحيحة، وذكر الشيخ ومن تبعه أن الضابط أن لا يقيم في بلده عشرة، فإن أقام أحدهم عشرة قصر (3) ولا يبعد وجوب الإتمام عليه ما صدق عليه اسم المكاري والملاح، نظرا إلى عموم الأخبار. والمسألة عندي مشكلة، لكن في صحيحة عبد الله بن سنان: «فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر