وأما شركة المفاوضة فهو أن يشتركا ليكون بينهما ما يكتسبان ويربحان ويلتزمان من غرم ويحصل لهما من غنم، فيلزم كل واحد منهما ما يلزم الآخر من أرش جناية وضمان غصب وقيمة متلف وغرامة لضمان أو كفالة، ويقاسمه في ما يحصل له من ميراث أو يجده من ركاز أو لقطة أو يكتسبه في تجارته بماله المختص به. قال صاحب إصلاح المنطق: شركة المفاوضة أن يكون مالهما من كل شيء يملكانه بينهما.
وأما شركة الوجوه فقد فسرت بمعان، أشهرها أن صورتها أن يشترك اثنان وجهان عند الناس لا مال لهما ليبتاعا في الذمة إلى أجل على أن ما يبتاعه كل واحد منهما يكون بينهما فيبيعاه ويؤديا الأثمان، فما فضل فهو بينهما، وقيل: أن يبتاع وجيه في الذمة ويفوض بيعه إلى خامل ويشترطا أن يكون الربح بينهما.
وقيل: أن يشترك وجيه لا مال له وخامل ذو مال ليكون العمل من الوجيه والمال من الخامل ويكون المال في يده لا يسلمه إلى الوجيه والربح بينهما. وقيل: أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون الربح له.
قال: ولا يصح شيء من أنواع الشركة سوى شركة العنان، وقد بينا أن شركة العنان جائزة، وعليه إجماع العلماء في جميع الأعصار، انتهى (1).
والأخبار الدالة على جواز الشركة مستفيضة، والمعروف بين الأصحاب أنه لا يصح ما عدا شركة العنان، فإن ثبت كونه إجماعيا فذاك، وإلا كان للتأمل في عموم الحكم المذكور مجال.
والربح والخسران في شركة الأموال على نسبة المالين مع الإطلاق، ولو شرطا تفاوت الربح مع تساوي المالين أو تساوي الربح مع تفاوت المالين فللأصحاب فيه أقوال:
الأول: الصحة، وهو قول المرتضى مدعيا فيه الإجماع (2). وتبعه جماعة منهم