الثاني: أن لا يكون مما يترتب الأثر الشرعي على إيقاعه مباشرة حسب كالعبادات، إلا ما استثني نحو الطواف الواجب بشرط ذكر في محله، وركعتي الطواف، حيث يجوز استنابة الحي في الحج الواجب والحج المندوب وأداء الزكاة، وكالأيمان والعهود والقسمة بين الأزواج والشهادات والظهار واللعان والجناية وإقامة الشهادة. وفي صحة التوكيل بإثبات اليد على المباحات كالاصطياد والاحتطاب والاحتشاش قولان. وفي التوكيل في الإقرار إشكال، والظاهر أن ذلك ليس بإقرار، ويصح التوكيل في الدعوى وإثبات الحجج والحقوق، ولا يشترط في توكيل الخصومة رضى الغريم.
وهل يصح التوكيل على كل قليل وكثير؟ قيل: لا يصح، لما يتطرق من الضرر.
وقيل: يصح ويندفع التطرق باعتبار المصلحة، ولعل هذا أقرب. ولو وكله على ما يملك صح ويناط بالمصلحة، بل يعتبر في التوكيل مطلقا اعتبار مصلحة الموكل.
الثالث: الموكل ويعتبر فيه البلوغ وكمال العقل وجواز التصرف فيما وكل فيه، فلا يصح وكالة الصبي، قيل: ولو بلغ عشرا جاز أن يوكل فيما له التصرف فيه كالصدقة والوصية والطلاق على رواية، وكذا يجوز أن يتوكل فيه (1). ولعل الأقرب العدم.
ولا يصح وكالة المجنون، ولو عرض الجنون بعد التوكيل أبطله، وهل يرجع بعد زوال الجنون؟ الأقرب ذلك. وللمكاتب أن يوكل، وليس للعبد القن ذلك إلا بإذن المولى.
وليس للوكيل أن يوكل من الموكل إلا بإذنه صريحا أو بالقرينة الواضحة، ولو كان العبد مأذونا في التجارة جاز أن يوكل فيما جرت العادة بالتوكيل فيه، ولا يجوز أن يوكل في غير ذلك إلا بصريح الإذن من المولى، وله التوكيل فيما يجوز له التصرف فيه بغير إذن المولى مما يصح فيه النيابة كالطلاق.