الغرض منه الإعانة على التحقيق أو تحصيل ملكة البحث أو الاطلاع على الطرق الفاسدة ليحترز عنها، أو غير ذلك من الأغراض الصحيحة لم يكن عليه بأس.
ومن ذلك: الغيبة وهجاء المؤمنين يعني ذكر المعائب بالشعر، قال في المسالك: ولا فرق في المؤمن هنا بين الفاسق وغيره، اللهم إلا أن يدخل هجاء الفاسق في مراتب النهي عن المنكر بحيث يتوقف ردعه عليه (1). وقال الشهيد الثاني وغيره: خرج ب «المؤمنين» غيرهم، فيجوز هجاؤه كما يجوز لعنه (2).
وقال بعض المتأخرين: الظاهر أن عموم أدلة تحريم الغيبة من الكتاب والسنة يشمل المؤمنين وغيرهم، فإن قوله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضا) إما للمكلفين كلهم أو المسلمين فقط، لجواز غيبة الكافر، ولقوله تعالى بعده: (لحم أخيه ميتا) وكذلك الأخبار، فإن أكثرها بلفظ «الناس» أو «المسلم» مثل ما روي في الفقيه: من اغتاب امرءا مسلما بطل صومه ونقض وضوؤه، وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى بها أهل الموقف، وإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله تعالى. ألا من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها. الحديث. ونقل عن رسالة الغيبة للشهيد الثاني أخبار بعضها بلفظ «الناس» وبعضها بلفظ «المسلم» (3).
واستثني من الغيبة المحرمة امور تسعة:
الأول: المتظلم عند من يرجو إزالة ظلمه إذا نسب من ظلمه إلى الآثام جاز.
ولعل الأحوط الاقتصار على قدر الحاجة.
الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى منهج الصلاح، ومرجع الأمر في هذا إلى القصد الصحيح، وللقصد هاهنا مدخل في الجواز.
الثالث: الاستفتاء كما يقول للمفتي: ظلمني أبي أو أخي فكيف طريقي في الخلاص؟ والأسلم هاهنا التعريض بأن يقول: ما قولك في رجل ظلمه أبوه أو أخوه؟