واعلم أن الكنز إذا وجد في دار الحرب فقد قطع الأصحاب بأنه لواجده بعد الخمس، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا. وهو متجه، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، والتصرف في مال الغير إنما يحرم إذا ثبت كونه ملكا لمحترم ولم يثبت، ولم يتعلق به نهي، فيكون باقيا على الإباحة الأصلية.
وإن وجد في دار الإسلام في أرض مباحة بأن يكون في أرض موات أو خربة باد أهلها ولم يكن عليه أثر الإسلام فهو مثل الأول حكما وحجة، ولو كان عليه سكة الإسلام فاختلف فيه الأصحاب، فذهب جماعة منهم إلى أن حكمه كالسابق (1) وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه لقطة (2) واختاره أكثر المتأخرين، والأول أقرب.
ولو كان المكنوز في مبيع فالمشهور أنه يجب تعريف البائع القريب والبعيد، ولا أعرف حجة عليه إذا احتمل عدم جريان يده عليه. قالوا: وحيث يعترف به البائع يدفع إليه من غير بينة ولا وصف، وفي حكم البائع من انتقل عنه بغير البيع من أسباب الملك، وإن لم يعترف به البائع فهو للمشتري.
ولو اشترى دابة فوجد في جوفها شيئا يجب تعريف البائع، فإن عرفه فهو له، وإن جهله فهو للمشتري، لصحيحة علي بن جعفر (3). وظاهر الرواية عدم الفرق بين ما عليه أثر الإسلام وغيره، والمستفاد من الرواية أنه لا يجب تتبع من جرت يده على الدابة من الملاك. قالوا: ويجب فيه الخمس. ولا أعرف حجة عليه.
ولو اشترى سمكة فوجد في جوفها شيئا فهو للواجد من غير تعريف، قالوا:
ويجب فيه الخمس. ولا أعرف حجة عليه.
ويجب الخمس أيضا في الغوص كالجوهر والدر، ويعتبر فيه النصاب، واختلفوا في تقديره، فالأكثر على أنه دينار واحد. وقيل: إنه عشرون دينارا (4).