الأول: أن يضع المال عنده ولا يحصل منه ما يدل على الاستنابة في حفظه، فيقبله قولا، ولا أثر له في الضمان ولا في وجوب الحفظ.
الثاني: أن يقبله فعلا بأن يقبضه الموضوع عنده، فيضمنه ويجب عليه حفظه إلى أن يرده على مالكه، للخبر. يعني: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.
الثالث: أن يتلفظ المالك مع الطرح بما يدل على الإيداع، فيقبل قبولا قوليا، فيجب عليه الحفظ باعتبار الوديعة، ولا ضمان إلا مع التقصير.
الرابع: أن يقبله قبولا فعليا، فيتم الوديعة أيضا كما مر. وأما لو طرحها عنده متلفظا بالوديعة أم لا، ولم يحصل من الموضوع عنده ما يدل على الرضى قولا ولا فعلا، لم يجب عليه حفظها، حتى لو ذهب وتركها فلا ضمان عليه، لكن يأثم إن كان ذهابه بعدما غاب المالك، لوجوب الحفظ حينئذ من باب المعاونة على البر وإعانة المحتاج، فيكون واجبا على الكفاية.
ولو انعكس الفرض بأن تمت الوديعة ولكن غاب المستودع وتركها والمالك حاضر عندها فهو رد للوديعة، ولو كان المالك غائبا ضمن. كذا جزم في التذكرة.
ويشكل تحقق الرد بمجرد الذهاب عنها مع حضور المالك، لأصالة بقاء العقد، وكون الذهاب أعم منه ما لم ينضم إليه قرائن يدل عليه. انتهى (1). وهو حسن، إلا أن ما فرض في الصورة الاولى من وضع المال عنده ظاهره أن غرض المالك الاستنابة في الحفظ وإن لم يقل لفظا يدل عليه.
والظاهر أنه لا يعتبر في إيجاب الوديعة لفظ، بل ما يدل على الرضى مطلقا، فلا حاجة إلى انضمام أمر آخر يدل على الاستنابة في حفظه. والظاهر في الصورة الثانية أيضا الإيداع.
ولو اكره على القبض لم يصر وديعة، ولو أهمل حفظها لم يضمن، إذ لم يجب عليه الحفظ بسبب الإكراه إلا أن يضع يدها عليها اختيارا بعد زوال الإكراه، فإنه يجب