السلام والصلوات والتحيات قال إن هؤلاء الضلال الكفرة ما أتوا الا من قبل جهلهم بمقدار أنفسهم حتى اشتد اعجابهم بها وكثرة تعظيمهم لما يكون منها فاستبدوا بآرائهم الفاسدة واقتصروا على عقولهم المسكوك بها غير سبيل الواجب حتى استصغروا قدر الله واحتقروا أمره وتهاونوا بعظيم شأنه إذ لم يعلموا انه القادر بنفسه الغنى بذاته الذي ليست قدرته مستعارة ولا غناه مستفادا.
والذي من شاء أفقره ومن شاء أغناه ومن شاء أعجزه بعد القدرة وأفقره بعد الغنى فنظروا إلى عبد قد اختصه الله بقدرة ليبين بها فضله عنده وآثر بكر أمته ليوجب بها حجته على خلقه وليجعل ما أتاه من ذلك ثوابا على طاعته وباعثا على اتباع أمره ومؤمنا عباده المكلفين من غلظ من نصبه عليهم حجة ولهم قدوة فكانوا كطلاب ملك من ملوك الدنيا ينتجعون فضله ويؤملون نائله ويرجون التفيؤ بظله والانتعاش بمعروفه والانقلاب إلى أهليهم بجزيل عطائه الذي يعينهم على طلب الدنيا وينقذهم من التعرض لدني المكاسب وخسيس المطالب فبيناهم يسألون عن طريق الملك ليترصدوه وقد وجهوا الرغبة نحوه وتعلقت قلوبهم برؤيته إذ قيل لهم سيطلع عليكم في جيوشه ومواكبه وخيله ورجله فإذا رأيتموه فاعطوه من التعظيم حقه ومن الاقرار بالمملكة واجبه وإياكم ان تسموا باسمه غيره أو تعظموا سواه لتعظيمه فتكونوا قد بخستم الملك حقه وأزريتم عليه واستحققتم بذلك منه عظيم عقوبته فقالوا نحن كذلك فاعلون جهدنا وطاقتنا فما لبثوا ان طلع عليهم بعض عبيد الملك في خيل قد ضمها اليه سيده ورجل قد جعلهم في جملته وأموال قد حباه بها فنظر هؤلاء وهم للملك طالبون.
فاستكثروا ما رأوه بهذا العبد من نعم سيده ورفعوه أن يكون هو من