وفي الزبدة (1)، ودراية والده (2) وهنا (3) بأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة، فإن كان المعتبر حصول الظن بعدالة الواسطة فلا إشكال في حصوله بعد الذي عرفت من نقل جماعة الاتفاق على العمل بمراسيلهم، وتصريح جماعة أنهم لا يرسلون إلا عن ثقة.
وإن كان المعتبر إخبار العدل أو شهادة العدلين لها فلا إشكال في تحققها مما ذكرنا.
وربما يقال: قد نقل في شرح الدراية (4) عن صاحب البشرى (5) منع ما ذكره الأصحاب من أنه لا يرسل إلا عن ثقة، وقد قال المحقق في المعتبر: (إن في رجاله من طعن الأصحاب فيه)، فأجاب عنه المنصف بقوله: (وروايته أحيانا عن غير الثقة لو سلم لا يقدح في ذلك، كما يظن، لأنهم ذكروا أنه لا يرسل إلا عن ثقة، لا أنه لا يروي إلا عن ثقة).
ولا حاجة بعد هذا للاحتجاج على ذلك، بأن الرواية عن غير العدل من دون تنبيه تدليس تأباه العدالة كي يقال يمنع المنافاة، إذ من الجائز أن يكون إنما روى للتبين بقيام القرائن، ولا فرق بين العلم بأنه لا يرسل إلا عن ثقة أو إخبار الثقات بذلك، وبما يقال بكفاية الظن في ذلك وقيامه مقام العلم، كما صرح به في المفاتيح، واستظهره من كل من صار إلى جواز العمل بمراسيل ابن أبي عمير في هذه الأزمنة. قال:
(ولا فرق في الظن بين أن يكون حاصلا من إخبار المرسل أو غيره أو من الاستقراء في حاله). ثم قال:
وهل إخبار المرسل بأنه لا يرسل إلا عن ثقة، وشهادة العدلين بذلك يقومان مقام العلم به أولا؟ فيه إشكال.
والتحقيق أن يقال: إن حصل الظن من الامرين بذلك فيقوم مقام العلم بذلك، لما بيناه من كفاية الظن هنا، وإلا ففيه إشكال.