يشترط فيه خلو الموطوءة من الحدث كالمرأة الجنب إلا ما خرج بنص خاص كالحائض والمنقطعة على الخلاف ولأصالة الحل السالم عن المعارض الشرعي فإن قيل ما ذكرتموه من الأحاديث دال على جواز وطئ المستحاضة ونحن نقول به لكن مع فعل ما يجب عليها فما المانع من كون ما تضمنه من الحل مشروطا بذلك قلنا الألفاظ مطلقة والأصل عدم الاشتراط والجواب عن الرواية الأولى بحمل الغسل فيها على غسل الحيض بل هو الظاهر لعدم دلالته على غسل الاستحاضة وعن الثانية بأن المراد بحل الصلاة الخروج من الحيض أو الغسل منه لان الحيض لما كان مانعا من الصلاة كان حل الصلاة بالخروج منه كما يقال لا تحل الصلاة في الدار المغصوبة فإذا خرج حلت فإن معناه زوال المانع الغصبي وإن كان بعد الخروج يفتقر إلى الطهارة وغيرها من الشروط وهذا وإن لم يكن معلوما لكنه محتمل ومع الاحتمال لا يكون دليلا ويحمل عليه وإن كان دليلا جمعا بينه وبين غيره من الأدلة وعن كونه أذى بأنه قياس لا يأتي عندنا وأما توقفه على الوضوء وباقي الأفعال ففي غاية البعد إذ لا تعلق لها بالوطئ قال في الذكرى وما أقرب الخلاف هنا من الخلاف في وطئ الحائض قبل الغسل وقربه غير واضح وإن ناسبه بوجه ما واعلم أنه يستفاد من قوله أنها مع فعل ما يجب عليها بحكم الطاهر فتستبيح الصلاة وغيرها عدم تأثير الحدث الواقع بعد الطهارة في الاستباحة سواء وقع قبل الصلاة أم فيها مع مراعاة ما تقدم من عدم التشاغل بما ليس من أسبابها ويجب تقييده بأمرين أحدهما كون الحدث الطارئ من جنس المبحوث عنه فلو تعقب الطهارة ريح ونحوه لزمها الوضوء وحينئذ فالأجود وجوب تجديد القطنة والخرقة ولو انتقض ببول وجب تجديدهما أيضا لان نجاسته غير ما ابتليت به والثاني أن لا يطرأ بعد ذلك انقطاعه للبرء قبل الصلاة فإنه يجب حينئذ تجديد الطهارة وهي ما أوجبه الدم منها قبل الانقطاع لا الوضوء خاصة خلافا للمصنف تبعا للشيخ رحمه الله لان انقطاع الدم يظهر معه حكم الحدث وإنما أبيحت الصلاة مع الدم للضرورة وقد زالت وكذا لو انقطع له في أثناء الصلاة وإنما وجب من الطهارة ما كان قبله لان دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء تارة والغسل أخرى فإذا انقطع وجب ما كان يوجبه والطهارة السابقة أباحت بالنسبة إلى ما سلف قبلها من الدم قال في الذكرى و هذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام ولكن ما أفتى به الشيخ هو قول العامة بناء منهم على إن حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير فإذا انقطع بقي على ما كان عليه ولما كان الأصحاب يوجبون به (الغسل صح) فليكن مستمرا انتهى وهو في غاية الوضوح ونظيره ما سبق من حكم المصنف بعدم اشتراط الغسل في صوم منقطعة الحيض فإنه لا يتم إلا على مذهب العامة لا على أصولنا ولو كان انقطاعه بعد الطهارة وقبل الصلاة لغير البرء بل انقطاع فترة أما لاعتيادها (لاعتقادها صح) ذلك أو بأخبار عارف لم يؤثر في الطهارة مطلقا عند الشهيد لأنه بعوده بعد ذلك كالموجود دائما واعتبر المصنف في ذلك قصور الفترة عن الطهارة والصلاة فلو طالت بقدرهما وجبت الإعادة لتمكنها من طهارة كاملة فلو لم تعدها وصلت واتفق عوده قبل الفراغ على خلاف العادة وجب عليها إعادة الصلاة لدخولها فيها مع الشك في الطهارة ومثله ما لو شكت في الانقطاع هل هو للبرء أم لا أو هل يطول زمانه بمقدار الطهارة والصلاة أم لا فيجب إعادة الطهارة لأصالة عدم العود لكن لو عاد قبل إمكان فعل الطهارة والصلاة فالوضوء بحاله لعدم وجود الانقطاع المانع من الصلاة مع الحدث وإنما قال المصنف إنها مع فعل ما يجب بحكم الطاهر ولم يقل أنها طاهر لاستمرار حدثها ولا تكون طاهرا حقيقة لكنها بحكم الطاهر في استباحة ما تستبيحه وربما علل ذلك بهذيانات لا يخفى فسادها على من له أدنى تمييز ولو أخلت المستحاضة بالأغسال الواجبة عليها في حال التوسط والكثرة لم يصح منها الصوم للنص ويظهر من المبسوط التوقف فيه حيث أسنده
(٨٦)