عن ذلك بعد الثلاث، ويحتمل أنها كانت حاملا فوضعت بعد ثلاث فانقضت عدتها، ويحتمل أنه أبانها بالطلاق قبل استشهاده فلم يكن عليها إحداد، وقد أعل البيهقي الحديث بالانقطاع فقال: لم يثبت سماع عبد الله بن شداد من أسماء وتعقب بأنه قد صححه أحمد، وقد ورد معنى حديث أسماء من حديث ابن عمر بلفظ: لا إحداد فوق ثلاث قال أحمد: هذا منكر والمعروف عن ابن عمر من رأيه، ويحتمل أن يكون هذا لغير المرأة المعتدة فلا نكارة فيه بخلاف حديث أسماء. قوله: لا يحل استدل بذلك على تحريم الاحداد على غير الزوج وهو ظاهر، وعلى وجوب الاحداد على المرأة التي مات زوجها وتعقب بأن الاستثناء وقع بعد النفي، وهو يدل على مجرد الجواز لا الوجوب، ورد بأن الوجوب استفيد من دليل آخر كالاجماع، وتعقب بأن المنقول عن الحسن البصري أن الاحداد لا يجب كما أخرجه عنه ابن أبي شيبة. وروي أيضا عن الشعبي أنه كان لا يعرف الاحداد، وقيل: إن السياق دال على الوجوب.
قوله: لامرأة تمسك بمفهومه الحنفية فقالوا: لا يجب الاحداد على الصغيرة، وخالفهم الجمهور فأوجبوه عليها كالعدة، وأجابوا عن التقييد بالمرأة بأنه خرج مخرج الغالب، وظاهر الحديث عدم الفرق بين المدخولة وغيرها والحرة والأمة. قوله: تؤمن بالله واليوم الآخر استدل به الحنفية وبعض المالكية على عدم وجوب الاحداد على الذمية، وخالفهم الجمهور وأجابوا بأنه ذكر للمبالغة في الزجر فلا مفهوم له. وقال النووي: التقييد بوصف الايمان لأن المتصف به هو الذي ينقاد للشرع، ورجح ابن دقيق العيد الأول، وقد أجاب ابن القيم في الهدى عن هذا التقييد بما فيه كفاية فراجعه. قوله: تحد بضم أوله وكسر ثانيه من الرباعي، ويجوز بفتح أوله وضم ثانيه من الثلاثي، قال أهل اللغة: أصل الاحداد المنع ومنه تسمية البواب حدادا لمنعه الداخل، وتسمية العقوبة حدا لأنها تردع عن المعصية. قال ابن درستويه: معنى الاحداد منع المعتدة نفسها الزينة وبدنها الطيب ومنع الخطاب خطبتها. وحكى الخطابي أنه يروى بالجيم والحاء والحاء أشهر، وهو بالجيم مأخوذ من جددت الشئ إذا قطعته فكأن المرأة انقطعت عن الزينة. قوله: على ميت استدل به من قال إنه لا إحداد على امرأة المفقود لعدم تحقيق وفاته خلافا للمالكية، وظاهره أنه لا إحداد على المطلقة، فأما الرجعية فإجماع، وأما البائنة فلا إحداد عليها عند الجمهور. وقال أبو حنيفة