هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وإسماعيل بن مسلم المكي يضعف في الحديث من قبل حفظه، وإسماعيل بن مسلم العبدي البصري قال وكيع: هو ثقة ويروى عن الحسن أيضا والصحيح عن جندب موقوف. قال: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغيرهم وهو قول مالك بن أنس. وقال الشافعي: إنما يقتل الساحر إذا كان يعمل في سحره ما يبلغ الكفر، فإذا عمل عملا دون الكفر فلم نر عليه قتلا اه. وأخرج هذا الحديث الحاكم والبيهقي. وأثر عمر أخرجه أيضا البيهقي وعبد الرزاق. وأثر حفصة أخرجه أيضا عبد الرزاق. وقد استدل بحديث جندب من قال إنه يقتل الساحر.
قال النووي في شرح مسلم: عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالاجماع، قال: وقد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام، قال: ولا يقتل عندنا يعني الساحر، فإن تاب قبلت توبته. وقال مالك: الساحر كافر يقتل بالسحر ولا يستتاب ولا تقبل توبته بل يتحتم قتله، والمسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزنديق، لان الساحر عنده كافر كما ذكرنا وعندنا ليس بكافر، وعندنا تقبل توبة المنافق والزنديق. قال القاضي عياض: وبقول مالك قال أحمد بن حنبل وهو مروي عن جماعة من الصحابة والتابعين، قال أصحابنا: إذا قتل الساحر بسحره إنسانا أو اعترف أنه مات بسحره وأنه يقتل غالبا لزمه القصاص وإن مات به، ولكنه قد يقتل وقد لا يقتل فلا قصاص وتجب الدية والكفارة، وتكون الدية في ماله لا على عاقلته، لأن العاقلة لا تحمل ما ثبت ت باعتراف الجاني، قال أصحابنا: ولا يتصور القتل بالسحر بالبينة وإنما يتصور باعتراف الساحر والله أعلم اه كلام النووي.
وحكي في البحر عن العترة وأبي حنيفة وأصحابه أن السحر كفر. وحكي أيضا عن العترة وأكثر الفقهاء أنه لا حقيقة له وتأثير لقوله تعالى: * (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) * (البقرة 102) وعن أبي جعفر الاستراباذي والمغربي من الشافعية أن له حقيقة وتأثيرا، إذ قد يقتل السموم وقد يغير العقل وقد يكون بالقول فيفرق بين المرء وزوجه لقوله تعالى: * (ومن شر النفاثات في العقد) * (الفلق: 4) أراد الساحرات، فلولا تأثيره لما استعاذ منه، وقد يحصل به إبدال الحقائق من الحيوانات قلنا سماه الله