هذا ما ظهر في بيان وجه استدلال المصنف بحديثي المشيئة وحديث الخطبة، ويمكن أن يكون مراد المصنف بإيراد الأحاديث المذكورة مجرد التنظير لا الاستدلال، وقد قدمنا أن الطلاق المتعدد سواء كان بلفظ واحد أو ألفاظ، من غير فرق بين أن يكون العطف بثم أو بالواو أو بغيرهما، يكون طلقة واحدة، سواء كانت الزوجة مدخولة أو غير مدخولة.
وأورد حديث أبي هريرة للاستدلال به، على أن من طلق زوجته بقلبه ولم يلفظ بلسانه لم يكن لذلك حكم الطلاق، لأن خطرات القلب مغفورة للعباد إذا كانت فيما فيه ذنب فكذلك لا يلزم حكمها في الأمور المباحة، فلا يكون حكم خطور الطلاق بالقلب أو إرادته حكم التلفظ به، وهكذا سائر الانشاءات، قال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث ما لفظه: والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شئ حتى يتكلم به انتهى. وحكي في البحر عن عكرمة أنه يقع بمجرد النية * كتاب الخلع 1 (عن ابن عباس قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني ما أعتب عليه فخلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الاسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة رواه البخاري والنسائي. وعن ابن عباس: أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الاسلام لا أطيقه بغضا فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد رواه ابن ماجة. وعن الربيع بنت معوذ: أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ثابت فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها، قال: نعم، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تتربص حيضة