فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا. رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة.
هذا الحديث قد رواه من الصحابة أمهات المؤمنين، وسهلة بنت سهيل وهي من المهاجرات، وزينب بنت أم سلمة وهي ربيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ورواه من التابعين القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وحميد بن نافع. ورواه عن هؤلاء الزهري وابن أبي مليكة وعبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة. ثم رواه عن هؤلاء أيوب السختياني وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وشعبة ومالك وابن جريج وشعيب ويونس وجعفر بن ربيعة ومعمر وسليمان بن بلال وغيرهم، وهؤلاء هم أئمة الحديث المرجوع إليهم في أعصارهم. ثم رواه عنهم الجم الغفير والعدد الكثير. وقد قال بعض أهل العلم: إن هذه السنة بلغت طرقها نصاب التواتر، وقد استدل بذلك من قال: إن إرضاع الكبير يثبت به التحريم وهو مذهب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما حكاه عنه ابن حزم. وأما ابن عبد البر فانكار الرواية عنه في ذلك وقال لا يصح. وإليه ذهبت عائشة وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد وابن علية، وحكاه النووي عن داود الظاهري وإليه ذهب ابن حزم، ويؤيد ذلك الاطلاقات القرآنية كقوله تعالى: * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة) * (النساء: 23) وذهب الجمهور إلى أن حكم الرضاع إنما يثبت في الصغير، وأجابوا عن قصة سالم بأنها خاصة به، كما وقع من أمهات المؤمنين لما قالت لهن عائشة لذلك محتجة به. وأجيب بأن دعوى الاختصاص تحتاج إلى دليل، وقد اعترفن بصحة الحجة التي جاءت بها عائشة ولا حجة في آبائهن لها، كما أنه لا حجة في أقوالهن، ولهذا سكتت أم سلمة لما قالت لها عائشة: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة؟ ولو كانت هذه السنة مختصة بسالم لبينها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما بين اختصاص أبي بردة بالتضحية بالجذع من المعز، واختصاص خزيمة بأن شهادته كشهادة رجلين. وأجيب أيضا بدعوى نسخ قصة سالم المذكورة، واستدل على ذلك بأنها كانت في أول الهجرة عند نزول قوله تعالى: * (ادعوهم لآبائهم) * (الأحزاب: 5) وقد ثبت اعتبار الصغر من حديث ابن عباس ولم يقدم المدينة إلا قبل الفتح. ومن حديث أبي هريرة ولم يسلم إلا في فتح خيبر. ورد ذلك بأنهما لم يصرحا بالسماع من النبي، وأيضا حديث ابن عباس