وآله وسلم أسامة، فرجع قبيصة إلى مروان فأخبره ذلك فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأة فسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها، فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بيني وبينكم كتاب الله قال الله * (فطلقوهن لعدتهن حتى قال لا ندري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * (الطلاق: 6) فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ رواه أحمد وأبو داود والنسائي ومسلم بمعناه.
قوله: ألم تري إلى فلانة بنت الحكم اسمها عمرة بنت عبد الرحمن بن الحكم، فهي بنت أخي مروان بن الحكم، ونسبها عروة في هذه الرواية إلى جدها قوله: بئسما صنعت في رواية للبخاري: بئسما صنع أي زوجها في تمكينها من ذلك أو أبوها في موافقتها. قوله: أما إنه لا خير لها في ذلك كأنها تشير إلى أن سبب الاذن في انتقال فاطمة ما في الرواية الثانية المذكورة من أنها كانت في مكان وحش، أو إلى ما وقع في رواية لأبي داود إنما كان ذلك من سوء الخلق. قوله: وحش بفتح الواو وسكون المهملة بعدها معجمة أي مكان لا أنيس به. (وقد استدل) بأحاديث الباب من قال إن المطلقة بائنا لا تستحق على زوجها شيئا من النفقة والسكنى، وقد ذهب إلى ذلك أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأتباعهم، وحكاه في البحر عن ابن عباس والحسن البصري وعطاء والشعبي وابن أبي ليلى والأوزاعي والامامية والقاسم، وذهب الجمهور كما حكى ذلك صاحب الفتح عنهم إلى أنه لا نفقة لها ولها السكنى، واحتجوا لاثبات السكنى بقوله تعالى: * (واسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * (الطلاق: 6) ولاسقاط النفقة بمفهوم قوله تعالى: * (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) * (الطلاق: 6) فإن مفهومه أن غير الحامل لا نفقة لها وإلا لم يكن لتخصيصها بالذكر فائدة. وذهب عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز والثوري وأهل الكوفة من الحنفية وغيرهم والناصر والامام يحيي إلى وجوب النفقة والسكنى، واستدلوا بقوله تعالى: * (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن) * (الطلاق: 1) فإن آخر الآية وهو النهي عن إخراجهن يدل على وجوب النفقة والسكنى، ويؤيده قوله تعالى: * (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * الآية. وذهب الهادي والمؤيد بالله وحكاه في البحر عن أحمد بن حنبل إلى أنها تستحق النفقة دون السكنى، واستدلوا على وجوب النفقة بقوله تعالى: * (وللمطلقات متاع بالمعروف) * (البقرة: 241) الآية، وبقوله تعالى: * (لا تضاروهن