المظنة أصلا، ويؤيد ذلك أنه روى عنه في الغيث أنه يقول بثبوت الفراش ولحوق الولد، وإن علم أنه ما وطئ بأن يكون بينه وبين الزوجة مسافة طويلة لا يمكن وصوله إليها في مقدار مدة الحمل، وذهب ابن تيمية إلى أنه لا بد من معرفة الدخول المحقق، وذكر أنه أشار إليه أحمد، ورجحه ابن القيم وقال: وهل يعد أهل اللغة والعرف المرأة فراشا قبل البناء بها؟
وكيف تأتي الشريعة بإلحاق نسب من لم يبن بامرأته ولا دخل بها ولا اجتمع بها بمجرد إمكان ذلك؟ وهذا الامكان قد قطع بانتفائه عادة، فلا تصير المرأة فراشا إلا بدخول محقق انتهى. وأجيب بأن معرفة الوطئ المحقق متعسرة، فاعتبارها يؤدي إلى بطلان كثير من الأنساب وهو يحتاط فيها، واعتبار مجرد الامكان يناسب ذلك الاحتياط، ولابد في ثبوت نسب الولد أن تأتي المرأة به بعد مضي أقل مدة الحمل من وقت إمكان الوطئ عند الجمهور، أو العقد عند أبي حنيفة، أو معرفة الوطئ المحقق عند ابن تيمية، وهذا مجمع عليه، فلو ولدت قبل مضيها حصل القطع بأن الولد من قبل فلا يلحق. وظاهر الحديث أيضا أن فراش الأمة كفراش الحرة لأنه يدخل تحت عموم الفراش، وحديث عائشة المذكور نص في ذلك، فإن النزاع بين عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في ابن وليدة زمعة، وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يعتبر في ثبوت فراش الأمة الدعوة، وروي عن أبي حنفية والثوري وهو مذهب الهادوية أن الأمة لا يثبت فراشها إلا بدعوة الولد ولا يكفي الاقرار بالوطئ، فإن لم يدعه كان ملكا له. وأجيب بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألحق ولد زمعة به ولم يستفصل هل ادعاه زمعة أم لا، بل جعل العلة في الالحاق أنه صاحب الفراش، وأما قولهم إنه لم يلحقه بعبد بن زمعة على أنه أخ له وإنما جعله مملوكا له كما في قوله: هو لك يا عبد بن زمعة واللام للتمليك، ويؤيد ذلك ما في آخر الحديث من أمره صلى الله عليه وآله وسلم لسودة بالاحتجاب منه، ولو كان أخا لها لم تؤمر بالاحتجاب منه وما وقع في رواية احتجبي منه فإنه ليس بأخ لك فقد أجيب عنه بأن اللام في قوله صلى الله عليه وآله وسلم هو لك للاختصاص لا للتمليك، ويؤيد ذلك ما في الرواية الأخرى المذكورة بلفظ: هو أخوك يا عبد، وبأن أمره لسودة بالاحتجاب على سبيل الاحتياط والورع والصيانة لأمهات المؤمنين لما رآه من الشبه بعتبة بن أبي وقاص كما في حديث كيف وقد قيل. قال ابن القيم بعد ذكر هذا