فيه وثانيا بالأحاديث القاضية بأنه لا يقتل حر بعبد، فإنها قد رويت من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج. وثالثا بأنه خارج مخرج التحذير.
ورابعا بأنه منسوخ، ويؤيد دعوى النسخ فتوى الحسن بخلافه. وخامسا بأن النهي أرجح من غيره كما تقرر في الأصول. (والأحاديث) المذكورة في أنه لا يقتل حر بعبد مشتملة عليه. وسادسا بأنه يفهم من دليل الخطاب في قوله تعالى: * (الحر بالحر والعبد بالعبد) * (البقرة: 178) أنه لا يقتل الحر بالعبد، ولا يخفى أن هذه الأجوبة يمكن مناقشة بعضها، وقد عكس دعوى النسخ المثبتون فقالوا: إن الآية المذكورة منسوخة بقوله تعالى: * (النفس بالنفس) * (المائدة: 45) واستدلوا أيضا بالحديث المتقدم في أول الباب عن علي:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: المؤمنون تتكافأ دماؤهم. ويجاب عن الاحتجاج بالآية المذكورة أعني قوله: * (النفس بالنفس) * بأنها حكاية لشريعة بني إسرائيل لقوله تعالى في أول الآية: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) * (المائدة: 45) بخلاف قوله تعالى : * (الحر بالحر والعبد بالعبد) * (البقرة: 178) فإنها خطاب لامة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشريعة من قبلنا إنما تلزمنا إذا لم يثبت في شرعنا ما يخالفها، وقد ثبت ما هو كذلك، على أنه قد اختلف في التعبد بشرع من قبلنا من الأصل كما ذلك معروف في كتب الأصول، ثم إنا لو فرضنا أن الآيتين جميعا تشريع لهذه الأمة لكانت آية البقرة مفسرة لما أبهم في آية المائدة، أو تكون آية المائدة مطلقة وآية البقرة مقيدة، والمطلق يحمل على المقيد، وقد أيد بعضهم عدم ثبوت القصاص بأنه لا يقتص من الحر بأطراف العبد إجماعا فكذا النفس، وأيد آخر ثبوت القصاص فقال: إن العتق يقارن المثلة فيكون جناية على حر في التحقيق حيث كان الجاني سيده، ويجاب عن هذا بأنه إنما يتم على فرض بقاء المجني عليه بعد الجناية زمنا يمكن فيه أن يتعقب الجناية العتق ثم يتعقبه الموت، لأنه لا بد من تأخر المعلول عن العلة في الذهن وإن تقارنا في الواقع، وعلى فرض أن العبد يعتق بنفس المثلة لا بالمرافعة وهو محل خلاف. وقد أجاب صاحب المنحة عن هذا لاشكال فقال: إنه يتم في صورة جدعه وخصيه لا في صورة قتله انتهى. وهذا وهم لأن المراد بالمثلة في كلام المورد للتأييد هي المثلة بالعبد الموجبة لعتقه بالضرب واللطم ونحوهما، لا المثلة المخصوصة التي سرى ذهن صاحب المنحة إليها. وقد أور على المستدلين بقوله تعالى