العنب فقط دون نقيع الزبيب، وكذلك أيضا ليس في شئ منه ولا كلمة واحدة موافقة لقول من قال: إن الخمر المحرمة ليست الانقيع الزبيب الذي لم يطبخ وعصير العنب إذا أسكر، فصح أنهما قولان فاسدان مبتدعان خارجان عن كل أثر ثبت أو لم يثبت (1) وبالله تعالى التوفيق * والقول الخامس هو الذي روى عن أبي حنيفة من طريق محمد بن رستم عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة - وهو الذي ينصره المتأخرون من مقلديه - على أن ذلك التفسير لا يحفظ عن أبي حنيفة وإنما هو من آرائهم الخبيثة، والمحفوظ عن أبي حنيفة هو ما ذكره محمد ابن الحسن في الجامع الصغير في كلامه في العتق الذي بين كلامه في الكراهة وكلامه في الوهن (2)، قال محمد: انا يعقوب عن أبي حنيفة قال: الخمر قليلها وكثيرها حرام في كتاب الله والسكر عندنا حرام مكروه ونقيع الزبيب عندنا إذا اشتد وغلى عندنا حرام مكروه والطلاء ما زاد على ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه فهو مكروه وما سوى ذلك من الأشربة فلا بأس به، وكان يكره دردى الخمر ان يشرب وان تمتشط به المرأة ولا يحد من شربه إلا أن يسكر فان سكر حد * هذا نص كلامهم هنالك ودردى الخمر هو العكر الذي يعقد منها في قاع الدن وهو خمر بلا شك فاعجبوا لهذا الهوس!، وأما رواية محمد بن رستم عن محمد بن الحسن فإنما هي قال محمد:
قال أبو حنيفة: الأنبذة كلها حلال الا أربعة أشياء الخمر والمطبوخ إذا لم يذهب ثلثاه وبقى ثلثه. ونقيع التمر فإنه السكر، ونقيع الزبيب ولا خلاف عن أبي حنيفة في أن نقيع الدوشات عنده حلال وان أسكر، وكذلك نقيع الرب وان أسكر، والدوشات من التمر، والرب من العنب، وقال أبو يوسف: كل شراب من الأنبذة يزداد جودة على الترك فهو مكروه والا أجيز بيعه ووقته عشرة أيام فإذا بقي أكثر من عشرة أيام فهو مكروه فإن كان في عشرة أيام فأقل بلا بأس به، وهو قول محمد بن الحسن هذا كلامهم في الأصل الكبير، ثم رجع أبو يوسف إلى قول أبي حنيفة، وقال محمد بن الحسن: ما أسكر كثيره مما عدا الخمر أكرهه ولا أحرمه فان صلى انسان وفى ثبوته منه أكثر من قدر الدرهم البغلي بطلت صلاته وأعادها أبدا فاعجبوا لهذه السخافات، لئن كان تعاد منه الصلاة ابدا فهو نجس فكيف يبيح شرب النجس؟ ولئن كان حلالا فلم تعاد الصلاة من الحلا؟ ونعوذ بالله من الخذلان * قال أبو محمد: فأول فساد هذه الأقوال انها كلها أقوال ليس في القرآن شئ يوافقها ولا في شئ من السنن، ولا في شئ من الروايات الضعيفة، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولا صحيح ولاغير صحيح، ولا عن أحد من التابعين ولاعن أحد من خلق الله تعالى قبل أبي حنيفة ولا أحد قبل أبى يوسف في تحديده عشرة الأيام فيا لعظيم مصيبة هؤلاء القوم في