المحلى - ابن حزم - ج ٧ - الصفحة ٤٨٩
على الشراب وهو لهم حلال فما يقومون حتى يحرم عليهم، وهذا لا حجة لهم فيه لأنه عن سعيد بن مسروق عن شماس بن لبيد عن رجل عن ابن مسعود، شماس. ولبيد مجهولان، ورجل أجهل وأجهل، ثم لو صح لما كان فيه دليل على قولهم، ويقال لهم: ما معناه إلا أنهم يقعدون عليه (1) قبل ان يغلى وهو حلال فلا يقومون حتى يأخذ في الغليان فيحرم فهذه دعوى كدعوى بل هذه أصح من دعواهم لان قولهم: ان الشراب لا يحرم أصلا وإنما يحرم المسكر وليس في هذا الحديث الا ان الشراب نفسه يحرم فصح تأويلنا وبطل تأويلهم * وخبر من طريق أبى وائل كنا ندخل على ابن مسعود فيسقينا نبيذا شديدا، وهذا لا يصح لأنه من طريق أبى بكر بن عياش وهو ضعيف * وخبر عن ابن مسعود رويناه من طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علقمة قال: أكلت مع ابن مسعود فأتينا بنبيذ شديد نبذته سيرين في جرة خضراء فشربوا منه (2)، سيرين هي أم أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وهذا خبر صحيح وليس في شئ مما أوردوا لقولهم وفاق الا هذا الخبر وحده إلا أنه يسقط تعلقهم به بثلاثة وجوه، أحدها أنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني أنه قد صح عن ابن مسعود تحريم كل ما قل أو كثر مما يسكر كثيره، وعن غيره من الصحابة أيضا فإذا اختلف قوله وخالفه غيره من الصحابة رضي الله عنهم فليس بعضهم أولى من بعض، وهذا تنازع يجب به ما أوجبه الله تعالى من الرد عند التنازع إلى القرآن. والسنة، والثالث أنه قد يحتمل أن يكون قول علقمة نبيذا شديدا أي خاثرا لفيفا حلوا فهذا ممكن أيضا * وخبر عن عيسى بن أبي ليلى أنه مضى إلى أنس فأبصر عنده طلاء شديدا، وهذا لا حجة لهم فيه لأنه عن ابن أبي ليلى وهو سئ الحفظ عن أخيه عيسى، ويمكن أن يكون أراد بقوله شديدا أي خاثرا لفيفا، وهذا صفة الرب المطبوخ الذي لا يسكر * وروى بعضهم عن الحسن بن علي أنه أباح المسكر ما لم يسكر منه، ولا يصح هذا عن الحسن أصلا لأنه من رواية سماك وهو يقبل التلقين كما قلنا عن رجل لم يسمه ولا يعرف من هو عن الحسن بن علي اشرب فإذا رهبت ان تسكر فدعه ثم لو صح لكان ظاهره اشرب الشراب ما لم يسكر فإذا رهبت ان تشربه فتسكر منه فدعه، هكذا رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن وكيع عن الحسن بن صالح عن سماك بن حرب عن رجل انه سأل الحسن بن علي عن النبيذ؟ فقال: اشرب فإذا رهبت ان تسكر فدعه * وخبر عن ابن عمر من طريق عبد الملك بن نافع قال: سألت ابن عمر عن نبيذ في سقاء لو نكهته لاخذ منى؟ فقال: إنما البغي على من أراد البغي، ثم ذكر الحديث الذي صدرنا به عن النبي صلى الله عليه وسلم من صبه الماء على النبيذ، وعبد الملك بن نافع قد قدمنا انه مجهول لا يدرى من هو،

(1) في النسخة رقم 14 (يجلسون عليه) (2) أي من النبيذ وفى النسخة رقم 16 (منها) أي من الجرة وهو بعيد
(٤٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 494 ... » »»
الفهرست