لا يوجبوا زكاة الا حيث أوجبها اجماع، ولا فريضة حج أو صلاة الا حيث صح الاجماع على وجوبها، وان لا يثبتوا الربا الا حيث أجمعت الأمة على أنه ربا، ومن التزم هذا المذهب خرج عن دين الاسلام بلا شك لوجهين * أحدهما انه مذهب مفترى لم يأمر الله تعالى به قط ولا رسوله عليه السلام وإنما امر الله تعالى باتباع القرآن. وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وأولي الأمر باتباع الاجماع، ولم يأمر الله تعالى قط بأن لا يتبع الا الاجماع ولا قال تعالى قط ولا رسوله عليه السلام: لا تأخذوا مما اختلف فيه الا ما اجمع عليه، ومن ادعى هذا فقد افترى على الله الكذب وأيت بدين مبتدع وبالضلال المبين، إنما قال تعالى: (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وقال تعالى: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) ولم يقل تعالى: فردوه إلى الاجماع، فمن رد ما تنوزع فيه إلى الاجماع لا إلى نص القرآن والسنة فقد عصى الله تعالى ورسوله عليه السلام، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى، وأما نحن فنتبع الاجماع فيما صح انهم أجمعوا عليه ولا نخالفه أصلا ونرد ما تنوزع فيه إلى القرآن. والسنة فنأخذ ما فيهما وان لم يجمع علي الاخذ به وبهذا أمر الله تعالى في القرآن ورسوله صلى الله عليه وسلم وعليه أجمع أهل الاسلام وما نعلم أحدا قال قط: لا ألتزم في شئ من الدين الا ما أجمع الناس عليه فقد صاروا بهذا الأصل مخالفين للاجماع بلا شك * والوجه الثاني أنه مذهب يقتضى ان لا يلتفت للقرآن (1) والسنن إذا وجد الاختلاف في شئ من أحكامهما وليس هذا من دين الاسلام في شئ مع أنه في أكثر الامر كذب على الأمة وقول بلا علم، وأيضا فإنهم لا يلتزمون هذا الأصل الفاسد الا في مسائل قليلة جدا وهو مبطل لسائر مذاهبهم كلها فعاد عليهم وبالله تعالى التوفيق * وأما الاخبار فمنها خبر صح عن ابن عباس قال: حرمت الخمر بعينها القليل منها والكثير والمسكر من كل شراب، رويناه من طريق قاسم بن اصبغ نا أحمد بن زهير نا أبو نعيم الفضل ابن دكين عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس ولا حجة لهم فيه لأننا رويناه من طريق أحمد بن شعيب انا الحسين بن منصور نا أحمد بن حنبل نا محمد بن جعفر غندر نا شعبة عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن أبي عباس قال: حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب (2)، وشعبة بلا خلاف أضبط واحفظ من أبى نعيم، وقد روى فيه زيادة على ما روى أبو نعيم وزيادة العدل لا يحل تركها،
(٤٨١)