والمعصية في المعروف، وإما غير مسقطة للذنب، وعقوبته في الآخرة، وهي قتل المشرك على شركه، وأما قوله عليه السلام: (ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله ان شاء عاقبه وان شاء عفا عنه) فليت شعري كيف خفى عليه ان هذا على عمومه؟ وان الملائكة. والرسل. والأنبياء. والصالحين. والفساق. والكفار. وإبليس. وفرعون. وأبا جهل وأبا لهب كلهم في مشيئة الله تعالى يفعل فيهم ما يشاء من عقوبة أو عفو الا انه تعالى قد بين انه يعقاب الكفار ولابد. وإبليس. وأبا لهب. وأبا جهل. وفرعون ولابد، ويرضى عن الملائكة. والرسل. والأنبياء. والصالحين ولابد، وكلهم في المشيئة ولا يخرج شئ من ذلك عن مشيئة الله تعالى من عاقبه الله تعالى فقد شاء ان يعاقبه ومن أدخله الجنة فقد شاء ان يدخله الجنة، اما علم الجاهل ان الله تعالى لو شاء ان يعذب الملائكة والرسل وينعم الكفار لما منعه من ذلك مانع لكنه تعالى لم يشأ ذلك، أما سمع قوله تعالى: (يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء) وقوله تعالى: (ان الله يغفر الذنوب جميعا) ثم استثنى الشرك جملة أبدية، ومن رجحت كبائره وسيئاته حتى يخرجوا بالشفاعة، أما عقل ان قوله عليه السلام: (ان شاء عاقبه وان شاء عفا عنه) ليس فيه ايجاب لأحدهما ولابد، وان ذلك مردود إلى سائر النصوص فهل في الضلال أشنع ممن جعل قول النبي صلى الله عليه وسلم الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة على غير الحقيقة؟ بل على التدليس في الدين، وإلا فأي وجه لان يريد ان يبين علينا ما حرم علينا من أن الخمر من العنب فقط فيقحم في ذلك النخلة وهي لا تكون الخمر منها؟ هل هذا الا فعل الفساق والملغزين في الدين العابثين في كلامهم؟ فسحقا فسحقا لكل هوى يحمل على أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا مما يترفع عنه كل مجد لا يرضى بالكذب وسيردون ونرد ويعلمون ونعلم، والله لتطولن الندامة على مثل هذه العظائم والحمد لله على هداه لنا كثيرا، فما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وهل بين ما حمل عليه الطحاوي، قوله عليه السلام: (الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة) من أنه إنما أراد العنبة فقط لا النخلة فذكر النخلة؟ لا ندري لما ذا فرق بينه وبين قول فاسق يقول: الكذب من هذين الرجلين محمد ومسيلمة؟ فتأملوا ما حمله عليه الطحاوي وهذا القول تجدوه سواء سواء، فتحكم الطحاوي بالباطل في هذا الخبر كما ترون وتحكم أصحابه فيه أيضا بباطلين آخرين * أحدهما انهم قالوا: ليس الخمر من غيرهما وليس هذا في الخبر أصلا لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: ليس الخمر الا من هاتين الشجرتين إنما قال: (الخمر من هاتين الشجرتين) فأوجب ان الخمر منهما ولم يمنع أن تكون الخمر أيضا من غيرهما ان ورد بذلك نص صحيح بل قد جاء نص بذلك كما روينا من طريق أبى داود نا مالك بن
(٤٩٥)