بعرفة أجزأته تلك الحجة * وقال بعض أصحابنا: عليه الحج كالحر، وقد ذكرنا آنفا عن جابر، وابن عمر (1) قال أحدهما: مامن مسلم، وقال الآخر: مامن أحد من خلق الله الا عليه عمرة وحجة فقطعا وعما ولم يخصا انسيا من جنى، ولا حرا من عبد، ولا حرة من أمة، ومن ادعى عليهما تخصيص الحر والحرة فقد كذب عليهما، ولا أقل حياء ممن يجعل قول ابن عمر (بنى الاسلام على خمس) حجة في اسقاط فرض العمرة. وهو حجة في وجوب فرضها كما ذكرنا ولا يجعل قوله ما أحد من خلق الله الا عليه حجة وعمرة حجة في وجوب الحج على العبد (فان قيل) لعلهما أرادا الا العبد قيل هذا هو الكذب بعينه ان يريدا الا العبد ثم لا يبينانه، وأيضا فلعلهما أرادا الا المقعد، والا الأعمى، والا الأعور، وإلا بنى تميم، والا أهل إفريقية، وهذا حمق لاخفاء به، ولا يصح مع هذه الدعوى قولة لاحد أبدا، ولعل كل ما أخذوا به من قول أبي حنيفة. ومالك.
والشافعي ليس على عمومه ولكنهم أرادوا تخصيصا لم يبينوه (2) وهذه طريق السوفسطائية نفسها، ولا يجوز أن يقول أحد ما لم يقل الا ببيان وارد متيقن ينبئ بأنه أراد غير مقتضى قوله، وقد ذكروا ههنا قول الله تعالى: (تدمر كل شئ بأمر ربها) * (وأوتيت من كل شئ) * (وما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم)، وكل هذا لا حجة لهم فيه لأنها إنما دمرت بنص الآية كل شئ بأمر ربها فدمرت ما أمرها ربها بتدميره لا ما لم يأمرها، وما تذر من شئ أتت عليه فإنما جعلت كالرميم ما أتت عليه لا ما لم تأت عليه بنص الآية، وأوتيت من كل شئ لا يقتضى إلا بعض الأشياء لان من للتبعيض، فمن آتاه الله شيئا ما قل أو كثر فقد آتاه من كل شئ لان كل شئ هو العالم كله، فمن أوتى شيئا فقد اوتى من العالم كله، وهذا بين وبالله تعالى التوفيق * وكتب إلى أبو المرجى الحسين بن عبد الله بن زروار المصري قال: نا أبو الحسن الرحبي - نا أبو مسلم الكاتب نا أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المفلس نا عبد الله ابن أحمد بن حنبل نا أبى نا زيد بن الحباب العكلي نا ابن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن الأشج قال: سألت القاسم بن محمد، وسليمان بن يسار عن العبد إذا حج باذن سيده؟ فقالا جميعا:
تجزئ عنه من حجة الاسلام فإذا حج بغير اذن سيده لم تجره * وبه إلى زيد بن الحباب انا إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: إذا حج العبد وهو مخلى فقد أجزأت عنه حجة الاسلام *