مرات بسوط والدليل على هذا انه لو ضربه عشر ضربات بسوط واحد يبر في يمينه بغير خلاف ولو عاد العدد إلى السوط لم يبر بالضرب بسوط واحد كما لو حلف ليضربنه بعشرة أسواط ولان السوط ههنا آلة أقيمت مقام المصدر فانتصب انتصابه فمعنى كلامه لأضربنه عشر ضربات بسوط وهذا هو المفهوم من يمينه والذي يقتضيه لغة فلا يبر بما يخالف ذلك واما أيوب عليه السلام فإن الله تعالى أرخص له رفقا بامرأته لبرها به واحسانها إليه ليجمع له بين بره في يمينه ورفقه بامرأته ولذلك أمتن عليه بهذا وذكره في جملة مامن عليه به من معافاته إياه من بلائه واخراج الماء له فيختص هذا به كاختصاصه بما ذكر معه ولو كان هذا الحكم عاما لكل واحد لما اختص أيوب بالمنة عليه وكذلك المريض الذي يخاف تلفه أرخص له بذلك في الحد دون غيره وإذا لم يتعده هذا الحكم في الحد الذي ورد النص به فيه فلا يتعداه إلى اليمين أولا ولو خص بالبر من له عذر يبيح العدول في الحد إلي الضرب بالعثكال لكان له وجه وأما تعديته إلى غيره فبعيدة جدا ولو حلف ان يضربه به بعشرة أسواط فجمعها فضربه بها بر لأنه قد فعل ما حلف عليه وان حلف ليضربنه عشر مرات لم يبر يضربه بعشرة أسواط دفعة واحدة بغير خلاف لأنه لم يفعل ما تناولته يمينه وان حلف ليضربنه عشر ضربات فكذلك الا وجها لأصحاب الشافعي انه يبر وليس بصحيح لأن هذه ضربة واحدة بأسواط ولهذا يصح ان يقال ما ضربته الا ضربة واحدة ولو حلف لا يضربه أكثر من ضربة واحدة ففعل هذا لم يحنث في يمينه (فصل) ولا يبر حتى يضربه ضربا يؤلمه وبهذا قال مالك وقال الشافعي يبر بما لا يؤلم لأنه يتناوله الاسم فوقع البر به كالمؤلم ولنا ان هذا يقصد به في العرف التأليم فلا يبر بغيره وكذلك كل موضع وجب الضرب في الشرع في حد أو تعزير كان من شرطه التأليم كذا ههنا (مسألة) قال (ولو حلف ألا يكلمه فكتب إليه أو أرسل إليه رسولا حنث الا أن يكون أراد أن لا يشافهه) أكثر أصحابنا على هذا وهو مذهب مالك والشافعي، وقد روى الأثرم وغيره عن أحمد في رجل حلف ألا يكلم رجلا فكتب إليه كتابا قال وأي شئ كان سبب ذلك؟ إنما ينظر إلى سبب يمينه ولم حلف ان الكتاب قد يجري مجرى الكلام والكتاب قد يكون بمنزلة الكلام في بعض الحالات وهذا يدل على أنه لا يحنث بالكتاب إلا أن تكون نيته أو سبب يمينه يقتضي هجرانه وترك صلته، وان لم يكن كذلك لم يحنث بكتب ولا رسول لأن ذلك ليس بتكلم في الحقيقة وهذا يصح نفيه فيقال ما كلمته وإنما كاتبته أو راسلته، ولذلك قال الله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم
(٣٢٦)