وقد كان رؤساء مكة حاربوه في غزوات كثيرة وقتلوا المسلمين، فعفا عنهم ولم ينتقم حتى من قاتل عمه حمزة ومن هند آكلة الأكباد (١).
وعفا عن مالك بن عوف النصري، وهو الذي جمع الجموع في حنين ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكانوا ثلاثين ألفا (٢).
ولا ينافي هذا أمثال قوله - تعالى -: ﴿يا أيها النبي، جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم﴾ (3).
إذ موردها صورة المواجهة والتهاجم وإعدادهم القوى لذلك أو نقضهم العهود مرة بعد مرة. ومورد العفو والرحمة صورة الانتصار والتسلط عليهم والأمن من هجومهم وتوطئتهم.
3 - وفي الغرر والدرر: " جمال السياسة العدل في الإمرة والعفو مع القدرة " (4).
وأمير المؤمنين (عليه السلام) عفا عن أصحاب الجمل، بعدما ظفر عليهم وفيهم الرؤساء كمروان وعبد الله بن الزبير وأمثالهما وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة مع ما سببوا لقتل كثير من المسلمين (5).
4 - وعن النوفلي، قال: كنت عند الصادق (عليه السلام) فإذا بمولى لعبد الله النجاشي أوصل إليه كتابه وإذا أول سطر فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم (إلى أن قال): إني بليت بولاية الأهواز فإن رأى سيدي ومولاي أن يحد لي حدا أو يمثل لي مثالا...