كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهنه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة... ولا يوطن الأماكن وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك. ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا أكرم عليه منه، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس من خلقه وصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن (لا توهن خ. ل) فيه الحرم، ولا تنثى فلتأته، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.
فقلت: فكيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس منه ولا يخيب مؤمليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والاكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا عثراته " (1).
6 - وفيه أيضا: عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: إن يهوديا كان له على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي، ما عندي ما أعطيك، فقال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تقضيني، فقال