مانع منه.
وبكلمة أخرى: ان المسافة المزبورة ليست متعلقة لحق صاحب البئر الا على أساس كون التصرف فيها موجبا للضرر عليه. واما إذا افترضنا انه لا يوجب ذلك فعندئذ لا مانع من القيام بذلك التصرف وإن كان حفر بئر أخرى، لفرض إباحة الأرض من هذه الناحية، وعدم كون هذا التصرف موجبا للضرر ولا مزاحما لحق من حقوق الآخر من الناحية الأخرى. ويؤكده استقرار السيرة العقلائية على ذلك.
فالنتيجة: ان العبرة في جواز القيام بالتصرفات المذكورة وعدم جوازه انما هي بلزوم الضرر وعدم لزومه، والتحديد المزبور - مضافا إلى أنه بالإضافة إلى حفر بئر أخرى - مبني على الغالب، لا انه تحديد حقيقي وفاصل واقعي لجواز التصرف في خارج هذا الحد وإن كان موجبا للضرر، وعدم جوازه فيما دونه وان لم يوجب الضرر هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان للبئر حريما آخر غير ما ذكرناه آنفا - وهو ما يتوقف عليه الانتفاع بها - كمقدار مكان النازح إذا كان الاستقاء منها باليد أو الاناء، ومكان تردد البهيمة والدولاب، ومجمع مائها للزرع أو نحوه، ومصب مائها، ومطرح طينها - وهو ما يخرج منها عند اصلاحها وتنقيتها - والجامع ان كل ما يتوقف عليه الانتفاع بها فهو حريم لها، ولا يحق لأي واحد ان يقوم باحياء هذا المقدار واستثماره أصلا.