هذا كله فيما إذا كان قيام الكافر بالاحياء متأخرا زمنيا عن تاريخ تشريع ملكية الأنفال للإمام (ع).
واما إذا كان متقدما زمنيا على ذلك فلا اشكال في أنه يوجب علاقته بالأرض على مستوى الملك، لما تقدم في ضمن الأبحاث السالفة من أن عملية الاحياء من أحد أسباب الملك بنظر العقلاء، فإذا كانت الأرض مواتا ولم يكن لها مالك بالفعل، فهذه العملية توجب صلة المحيي بها على مستوى الملك، بلا فرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا، فاعتبار الاذن من جهة، واعتبار الاسلام من جهة أخرى في هذه العملية انما هو فيما إذا كانت تلك العملية بعد تشريع ملكية الأنفال للإمام (ع).
وعلى الجملة: فالأراضي الموات: بما انها داخلة في نطاق ملكية الإمام (ع) بعد نزول آية الأنفال فالاحياء فيها انما يوجب علاقة المحيي بها على مستوى الحق إذا كان الاحياء بإذن الإمام (ع) وكان المحيي مسلما والا فلا أثر له.
وأما القول الثاني - وهو عدم اعتبار الاسلام في المحيي - فيمكن دعمه بوجهين:
الأول: بمجموعة من الروايات المتقدمة التي جاءت بهذا اللسان:
(أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحق بها وهي لهم) فان مقتضى عمومها عدم الفرق بين كون المحيي مسلما أو كافرا.
وما تقدم بنا - من أن هذه المجموعة انما هي ناظرة إلى تشريع سببية الاحياء لعلاقة المحيي بالأرض فحسب، ولا تنظر إلى جهة أخرى نفيا أو اثباتا - فإنه انما يتم بالإضافة إلى اعتبار اذن الإمام (ع) في تأثير عملية الاحياء وعدم اعتباره، لما عرفت من أنها غير ناظرة