القطعي لدى العرف قائم على عدم خصوصية لها. ولذا يعم الحكم البئر أيضا. وعليه فلا يبعد دعوى عموم الصحيحة - بضميمة هذا الارتكاز - لما نحن فيه، وكذا يشمله التعليل في رواية الرحى التي نشير إليها في المسألة الثالثة.
واما الروايات المتقدمة: الدالة على كون الاعلى أحق بالماء من الأسفل فلا يبعد دعوى انصرافها عن هذه الصورة أولا. وعلى تقدير اطلاقها فلا مانع من تقييده بما ذكرناه ثانيا المسألة الثالثة: لا يجوز بناء رحى على نهر مملوك بدون اذن صاحبه، وهذا لا كلام فيه، وانما الكلام فيما إذا استجد بنائها باذنه فهل له بعد ذلك تعطيل هذه الرحى أو لا؟ فيه وجهان:
الظاهر هو الوجه الأول: وذلك لصحيحة محمد بن الحسين قال كتبت إلى أبي محمد (ع) رجل كانت له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل فأراد صاحب القرية ان يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر، ويعطل هذه الرحى، اله ذلك أم لا؟ فوقع (ع) (يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضر أخاه المؤمن (1).
فإنها واضحة الدلالة: على عدم جواز تعطيلها على أساس انه يضر بصاحبها، بل قوله (ع) في الصحيحة (ولا يضر أخاه المؤمن) كبرى كلية لا تنحصر مواردها بما نحن فيه.
ومن هنا لو اذن: بغرس الأشجار في حافتي نهره أو غيرها فليس له الرجوع عن اذنه بتحويل الماء في غير هذا النهر الموجب لهدم تلك الأشجار أو غيرها.
فالنتيجة: ان الصحيحة تدل على حكم سيال بقرينة التعليل