إنما هي على مستوى الحق فحسب دون الملك، فهي تنقطع نهائيا بعد خرابها، سواء أكان الخراب مستندا إلى الاهمال والامتناع عن القيام بحقها، أم لم يكن مستندا إلى ذلك.
الاعراض هل يوجب انقطاع علاقة المالك عن ماله؟
لا شبهة فيما إذا أعرض المالك عن ارضه وتركها في جواز قيام غيره باحيائها واستثمارها، وإنما الكلام في أن علاقته بها هل تنقطع بذلك نهائيا وتصبح كالمباحات الأصلية، أو انها ظلت بحالها: وإن كان يجوز لغيره التصرف فيها وضعا وتكليفا، نظرا إلى أن الاعراض بحد نفسه يتضمن الرخصة في التصرف بها لغيره؟ فيه قولان:
المعروف والمشهور بين الأصحاب على ما نسب إليهم هو القول الأول. وذهب جماعة إلى القول الثاني.
ولا يبعد قوة القول الأول. والنكتة فيه ان الارتكاز القطعي قائم لدى العرف والعقلاء على أن الأرض - كما في مورد الكلام - بعد اعراض صاحبها عنها تصبح من المباحات، ويرون ان نسبة صاحبها إليها كنسبة غيره إليها في حد سواء يعني - ان علاقته بها تنقطع بذلك نهائيا - فيصبح كالأجنبي، وهذا هو ملاك جواز تصرف غيره فيها، لا الترخيص الضمني من صاحبها.
وهذا الارتكاز القطعي هو المنشأ لقيام السيرة من العقلاء على إباحة التصرف فيها، لا الترخيص المذكور.