البيان يدل على اعتبار الاسلام في المحيي، وهذه الدلالة لا بأس بها نظرا إلى أنها تقوم على أساس دلالة القيد على المفهوم، وقد ذكرنا انه لا مانع من الالتزام بها بنكتة ان القيد ظاهر لدى العرف في الاحتراز، فيدل على أن الحكم فيها لم يثبت للطبيعي الجامع بينه وبين غيره، والا لكان القيد لغوا، وما نحن فيه من هذا القبيل، فان الاحياء لو كان سببا لعلاقة المحيي بالأرض مطلقا اي - ولو كان كافرا - لكان تقييده بكونه من المسلمين في موردين من الصحيحة لغوا صرفا.
فالنتيجة: انه لا بأس بدلالة الصحيحة على ذلك.
نعم قد تقدم منا: ان اسلام المحيي وحده لا يكفي في حصول هذه العلاقة له بالأرض على أساس قيامه بالاحياء، بل يعتبر فيه ان يكون مأذونا من قبل الإمام (ع) أيضا، وقد عرفنا ان الاذن في القيام بعملية الاحياء على نحو الاطلاق لم يثبت الا للافراد الذين شملتهم اخبار التحليل، دون غيرهم. واما هذه الصحيحة فلا تدل على الاذن في الاحياء لكل فرد من المسلمين بشكل مطلق، بل تدل عليه في فرض خاص وإطار مخصوص - وهو ما إذا كان الفرد ملتزما بأداء الخراج والطسق إلى الإمام (ع) خارجا - والا فلا يكون تصرفه فيها بالاحياء سائغا ونافذا وإن كان مسلما، كما أن الاذن وحده لا يكفي إذا لم يكن المحيي مسلما، فالكافر وإن كان مأذونا لا يوجب احيائه العلاقة بينه وبين الأرض.
فالنتيجة في نهاية الشوط: ان المعتبر في كون الاحياء موجبا لصلة المحيي بالأرض أمران:
أحدهما: اذن الإمام (ع) أو نائبه في القيام بذلك.
والآخر: اسلام المحيي.