من الأرض بما فيها من الثروات الطبيعية انما هو عندما توجد المنافسة على الأرض من قبل الآخرين. واما إذا لم توجد المنافسة عليها فهو لا يفكر في ذلك، ولا داعي يدعوه للقيام بها بعد ما كانت الأرض في خدمته في كل حين من دون اي منافس ينافسه فيها، وهذا بخلاف عملية الاحياء فإنه يمارس هذه العملية سواء أكان منافس ينافسه فيها أم لم يكن، وذلك لأن ممارسته تلك العملية انما تقوم على أساس الانتفاع بها والاستفادة منها بما يتناسب مع مستواه المعاشي وقدرته على الاستثمار والانتفاع بدون ان يفكر في الحيازة والسيطرة على مساحات كبيرة منها ابدا، وهذا هو الفارق بين حيازة الأرض واحيائها.
وقد يستدل: على أن الحيازة تمنح الملكية بوجهين:
الأول: الأخبار الدالة على أن من حاز ملك، فإنها واضحة الدلالة على سببية الحيازة للملك، الثاني: استقرار سيرة العقلاء على ذلك: بدعوى انها ثابتة في عصر التشريع، من دون ورود ردع عنها، ومن الطبيعي ان ذلك كاشف جزمي عن امضاء الشارع لها.
ولنأخذ بالنقد على كلا الوجهين:
أما الوجه الأول: فيرده عدم العثور على تلك الأخبار التي نقلت بهذا النص، لا من طريق الخاصة، ولا من طريق العامة، وعليه فلا اثر لهذا الوجه أصلا.
واما الوجه الثاني: فيرده: عدم ثبوت السيرة من العقلاء على ذلك، بل لا يبعد ثبوتها على خلافه، فان العقلاء حسب فطرتهم الأولية لا يعترفون بتلك الأسباب التي تكون مظهر من مظاهر القوة