الأول: ان الصحاح الثلاث المذكورة وإن كانت تامة دلالة وسندا، الا انها من ناحية اعراض الأصحاب عنها وعدم عملهم بها، قد سقطت عن الحجية والاعتبار، فلا يمكن العمل بها، فتبقى تلك الروايات حينئذ بلا معارض.
فالنتيجة ان القول بتملك المحيي لرقبة الأرض بالاحياء والاستثمار هو الصحيح.
ويرده:
أولا: ان اعراض المشهور عن تلك الصحاح غير ثابت، بل الثابت خلافه، حيث قد عرفت ان الشيخ الطائفة (قده) في كتابه المبسوط قد افتى بمضمون هذه الصحاح، وكذا السيد محمد من آل بحر العلوم، ويظهر من بعض الاخر أيضا الذهاب إلى ذلك كما تقدم. وبالرغم من ذلك فكيف يمكن دعوى الاعراض عنها في المقام.
واما تسالم الأصحاب قديما وحديثا - على عدم وجوب الخراج والطسق على المتصرفين في تلك الأراضي والمستثمرين فيها - فهو ليس من ناحية خروج الأرض عن نطاق ملكية الإمام (ع)، ودخولها في نطاق ملكية من يقوم باحيائها واستثمارها، بل انما هو من ناحية مجموعة من النصوص التي جاءت بلسان تحليل الأرض لمن شملهم التحليل.
نعم إذا كانت الأرض داخلة في نطاق الملكية الخاصة - بان يكون لها مالك خاص - وجب على من يقوم باستثمارها ان يؤدي إلى صاحبها حقه، باعتبار ان صلته بها لم تنقطع عنها نهائيا، بعد خرابها، أو بعد قيام غيره باحيائها، بل تبقى صلته بها، كما كانت قبل هذه الحالة.