وتدل على ذلك صحيحة محمد بن الحسن (الحسين) قال كتبت إلى أبي محمد (ع) (رجل كانت له قناة في قرية، فأراد رجل ان يحفر قناة أخرى إلى قرية له، كم يكون بينهما في البعد حتى لا تضر إحداهما بالأخرى في الأرض إذا كانت صلبة، أو رخوة، فوقع (ع) على حسب أن لا تضر إحداهما بالأخرى إن شاء الله) الحديث (1).
فإنها واضحة الدلالة على أن العبرة في جواز حفر قناة أخرى جنب القناة الأولى، وعدم جوازه انما هي بلزوم الضرر، وعدم لزومه، فعلى الأول لا يجوز دون الثاني.
وتنسجم هذه الصحيحة: مع السيرة القائمة بين العقلاء في أمثال تلك الموارد، حيث إنها تقوم على أن العبرة في الجواز وعدمه انما هي بلزوم بالضرر وعدم لزومه. ومن هنا لو قطعنا النظر عن النص في المقام لكانت السيرة المزبورة كافية.
وعلى الجملة: فلا شبهة في أنه يجوز للفرد ان يقوم بالعمل في الأرض الموات باحياء أو حفر قناة أو نحو ذلك، ولا مانع منه أصلا، الا إذا كان الحفر موجبا للضرر على القناة الأخرى، فعندئذ لا يجوز، سواء أكان هناك نص خاص أم لم يكن، لكفاية السيرة في المسألة التي تقوم على وفق الارتكاز القطعي لدى العرف والعقلاء.
وعلى ضوء ذلك فما ورد في النصوص - من التحديد بحد خاص كما في معتبرة السكوني المتقدمة وغيرها - مبني على الغالب، باعتبار ان الضرر يندفع بهذا الحد من البعد بين القناتين غالبا ونوعا،