حريم القرية وهو ما تكون القرية بحاجة ماسة إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من مدفن موتاهم، ومرعى ماشيتهم ومرابضها، وملعب الصبيان، وموارد احتطابهم التي جرت العادة بوصولهم إليها، ومجمع أهاليها لمصالحهم الاجتماعية: المادية والمعنوية، ومسيل ميائها، والطرق المؤدية إليها والمسلوكة منها، ومجمع ترابها وكناستها، ومطرح سمادها ورمادها، وغير ذلك مما تحتاج القرية إليه، بحيث لو قام فرد بالتصرف في الأشياء المزبورة والاستيلاء عليها لكان مزاحما لأهالي تلك القرية، وموجبا لوقوعهم في حرج وضيق شديد.
ثم إن من الطبيعي ان حاجة القرية تختلف باختلافها سعة وضيقا، وبكثرة أهاليها وقلتهم، وبكثرة مواشيها ودوابها وقلتها، وباختلاف الأزمنة، فيمكن أن تكون القرية في السنين والقرون الماضية كانت بحاجة إلى موارد الاحتطاب واما في زماننا هذا فتستغني عنها بقيام شئ آخر مقام الحطب، فعندئذ تخرج تلك الموارد عن كونها حريما للقرية بانتهاء الحاجة إليها وعليه فلا مانع من التصرف فيها.
فالنتيجة: ان حريم القرية كحريم غيرها لا يدخل تحت ضابط كلي سعة وضيقا، كما وكيفا، ولا يمكن تحديده بحد خاص بعد ما لم يكن منصوصا ومحددا من قبل الشرع، بل هو تابع لحاجة القرية إليه فعلا فلا يكفي في كون شئ حريما لها حاجتها إليه في المستقبل أو في الزمن الماضي مع استغنائها عنه فعلا.