في الأرض المعمورة المملوكة في نقطة واحدة، وهي: انه لو قام أحد ببناء دار - فإن كانت في الأرض الموات كان لها حريم من بعض اطرافها بمقدار ما يتوقف عليه الانتفاع بها، ولا يجوز لغيره ان يقوم بالتصرف فيه إذا كان مزاحما له في الانتفاع بها.
واما إذا كانت تلك الدار متصلة بالأرض الموات ببعض اطرافها دون بعضها الآخر ففي مثل ذلك لا محالة يكون حريمها من ذلك الطرف يعني - الأرض الموات - دون طرفها الآخر، ضرورة ان حريمها لا يكون في ملك الآخر.
واما إذا كانت متصلة بملك غيره بجميع اطرافها فعندئذ لا حريم لها غير مسلك الدخول فيها والخروج، فان هذا المسلك اما ان لا يكون من الأول ملكا لغيره، أو كان ولكن قد اذن له في التصرف فيه بقيامه ببناء دار له، فحينئذ ليس له الرجوع عن اذنه لعموم التعليل الوارد في رواية الرحى وهو قوله (ع) (ولا يضر أخاه المؤمن) فان رجوعه عن اذنه والمنع عنه ضرر عليه باعتبار ان حريمها منحصر بهذا المسلك فحسب، وليس لها حريم من اطرافها الأخر، لفرض انها ملك لاخر، وله التصرف في ملكه بما شاء وأراد وان فرض ان تصرفه فيه كان مانعا عن انتفاعه بها، وليس له حق المنع منه، ولا سيرة عقلائية على ذلك.
ومن ذلك يظهر: ان الحريم الثابت لدى الشرع والعقلاء هو ما عرفناه كما وكيفا، ولا دليل على أزيد من ذلك.
واما ما يظهر من كلمات الأصحاب كما في الجواهر - من أنه لا حريم في البلدان لاحد من أصحابها كما هو المشاهد فيها، وعلل ذلك بامكان تساويهم في الاحياء أو نحوه - فلا يمكن الاخذ به،