ومن الطبيعي ان القطع بالخلاف انما ينافي العام بمقدار سعته دون الازيد، ففي الزائد يكون العام محكما، وعليه فلا مانع من التمسك بالعام في غير موارد توفر القطع بالخلاف.
والجواب عن ذلك ان منشأ التخصيص في المخصص اللبي وإن كان هو القطع، الا ان من الواضح لدى الارتكاز الجزمي العرفي ان القطع بما هو قطع لا يكون فيه ملاك التخصيص، بداهة انه ليس له شأن ما عدى كونه طريقا إلى الواقع، وكاشفا عنه، فما يكون فيه ملاك التخصيص والتنافي انما هو المقطوع به بعنوانه الواقعي، فكون القطع منافيا للعام انما هو باعتبار تعلقه به، لا مطلقا وبقطع النظر عنه.
وعليه فبطبيعة الحال يكون القطع به كاشفا عن انه مانع ومناف للعام، بعنوانه الواقعي، لا بعنوانه العلمي، لأن حرمة التصرف في مال المسلم وضعا وتكليفا ليست تابعة للعلم، ضرورة انها تابعة لتحقق موضوعها في الواقع كان هناك علم أم لم يكن.
ومن الطبيعي ان المنافي لتملك المحيي للأرض بالاحياء انما هو كونها في ملكية غيره، ولا دخل لعنوان القطع بذلك أصلا، فإنها إن كانت في الواقع ملكا لغيره لم يملكها المحيي بالاحياء، وإلا ملكها، سواء أكان هناك قطع بذلك، أم لم يكن.
فالنتيجة من ذلك ان الأرض الموات التي هي موضوع في عمومات الاحياء بطبيعة الحال قد قيدت بما لا تكون ملكا لغير من يقوم باحيائها، غاية الأمر ان الكاشف لنا عن هذا التقييد في الواقع انما هو القطع، ولا يعقل ان يكون هذا التقييد تابعا للقطع، لما عرفت من أن حرمة التصرف في مال المسلم ليست تابعة له.