وذلك لأنه لو لم يكن ممتنعا عن ذلك ومهملا لم يجز لغيره ان يقوم باحيائها واستثمارها. والاستفادة منها بدون اذنه جزما.
وأما في فرض الامتناع عن القيام بذلك والاهمال فرقبة الأرض وإن ظلت في ملكه، إلا أنه بالرغم من هذا جاز لغيره لدى الشرع، والعقلاء ان يقوم باستثمارها واحيائها، فان العقلاء كالشرع لا يسمحون لأي فرد احتكار الأرض، على أساس ان ذلك يضر بالعدالة الاجتماعية، وضيق على الآخرين.
ومن ناحية ثالثة: ان مقتضى اطلاق تلك الصحيحة انه لا فرق بين كون سبب ملكية مالك الأرض عملية الاحياء، وكونه غيرها، كشراء أو نحوه. وعليه فتدل على أن علاقة صاحب الأرض لا تنقطع عنها أصلا، لا بعد خرابها، ولا بقيام غيره باحيائها، ولو كان سببها عملية الاحياء.
فالنتيجة: ان هذه الصحيحة، في حد نفسها تدل على هذا القول، هذا.
قد يقال: كما قيل: إن اطلاق هذه الصحيحة بما انه معارض باطلاق صحيحة معاوية بن وهب المتقدمة بالتباين، بملاك ان صحيحة معاوية تدل على أن علاقة المالك بالأرض تنقطع عنها نهائيا بعد خرابها، أو بعد قيام غيره باحيائها، سواء أكان منشأ تلك العلاقة عملية الاحياء، أم كان غيرها. وهذه الصحيحة تدل على عدم انقطاعها بذلك أصلا، فبطبيعة الحال يسقطان معا، فلا تصل النوبة إلى اعمال الترجيح لأحدهما على الآخر، فان اعمال الترجيح إنما هي فيما إذا لم يكن التعارض بين الروايتين بالاطلاق، وإلا سقط اطلاق كل منهما، باعتبار ان ثبوته يتوقف على تمامية مقدمات