أبا عبد الله عليه السلام عن صيد المجوس، فقال لا بأس إذا أعطوكاه أحياء (1) والسمك أيضا، وإلا فلا تجز شهادتهم، إلا أن تشهده (2).
قال محمد بن إدريس رحمه الله، وهذا تخصيص منه رحمه الله، للعموم، بخبر واحد، وقد بينا أن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا، وأيضا فالخبر الذي خصص به واعتمد عليه، هو دليل الخطاب، لأنه قال لا بأس إذا أعطوكاه حيا، ولم يقل إذا شاهدت إخراجهم له حيا، وأخذته منهم بعد ذلك ميتا لا يجوز أكله، وقد يترك دليل الخطاب لدليل آخر، وإجماعنا منعقد، أن صيد السمك، أخذه وإخراجه من الماء حيا، ولا يراعى فيه وجوب التسمية.
والأولى لشيخنا، إنه كان يتأول ما شذ من الأخبار، على أنه إذا صاده المجوس وجميع الكفار، لا يجوز أكله إلا إذا شاهد المسلم إخراج الكافر السمك حيا من الماء، سواء مات في يده بعد إخراجه، أو أخذه المسلم منه وهو حي، بخلاف صيد المسلم له، لأن صيد المسلم يحل سواء شاهد إخراجه حيا أو لم يشاهد، ويقبل قوله في ذلك، سواء كان محقا أو مبطلا، والكفار لا يقبل قولهم في ذلك، كما ذهب إلى هذا القول في نهايته (3). وهذا وجه صحيح في تأويل الأخبار، مستمر على قاعدة النظر وأصل المذهب.
وهو الذي يذهب إليه المحصلون من أصحابنا، وهو أنه لا خلاف بينهم قديما وحديثا في أن صيد السمك لا يراعى فيه التسمية، بل الحال التي يحل معها أكله، أن يخرجه آدمي من الماء حيا، أو يأخذه من غير الماء وهو حي، سواء أخذه أو أخرجه مسلم أو كافر، من أي أجناس الكفار كان، إلا أن ما يخرجه غير المسلم يراعى فيه المشاهدة له، وقد أخذه حيا، ولا يقبل قوله في أنه أخرجه من الماء حيا، والمسلم يقبل قوله في ذلك، سواء كان المسلم محقا أو مبطلا، فهذا فرق ما بين المسلم والكافر.