صيده ذكاة حقيقة لما أطلق عليه اسم الميتة، لأن الحيوان المذكى لا يسمى ميتة في عرف الشرع، ولما قال أمير المؤمنين عليه السلام، عند سؤال السائل له عن دم السمك، فقال " لا بأس بدم ما لم يذك " (1) فبان بذلك ما نبهنا عليه، وأدل دليل على جواز أكل صيد غير المحق مع المشاهدة له، السمك وقد أخرجه من الماء حيا، وإن مات في يده، وإن صيد السمك ليس بذكاة حقيقة، وإنما أجرى مجرى الذكاة الحقيقية في الحكم، لا في وقوع الاسم، إجماع أصحابنا المحصلين على أن الشاة المذكاة، يحرم منها أربعة عشر شيئا، وإجماعهم على أن السمك لا يحرم منه شئ فلو كان صيده ذكاة حقيقية لحرم منه ما يحرم من الشاة المذكاة ذكاة حقيقية، وأحد لا يقول بذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته، وإذا نصب الإنسان شبكة في الماء يوما وليلة، أو ما زاد على ذلك، ثم قلعها وقد اجمتع فيها سمك كثير، جاز له أكل جميعه، وإن كان يغلب على ظنه، أن بعضه مات في الماء، لأنه لا طريق له إلى تمييزه من غيره، فإن كان له طريق إلى تمييز ما مات في الماء مما لم يمت فيه لم يجز له أكل ما مات فيه، وكذلك ما يصاد في الحظائر ويجتمع فيها، جاز أكل ذلك جميعا مع فقد الطريق إلى تمييز الميت من الحي (2).
قال محمد بن إدريس رحمه الله هذه رواية أوردها رحمه الله إيرادا، لا اعتقادا، وتحرير ذلك أن الإنسان متى نصب الشبكة، ووقع فيها السمك، وأخذه منها وهو حي، فإنه حلال، وإن أخذه وهو ميت، فلا يجوز أكله بحال، لأنا أجمعنا على أن ما يموت من السمك في الماء فإنه حرام، وهذا إجماع منعقد من أصحابنا، فلا يجوز أن نرجع عنه بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا.
وإذا صيد سمك، وجعل في شئ وأعيد في الماء، فمات فيه، لم يجز أكله،