أقول: وهذا الكلام منه وإن استصوبه جماعة ممن تأخر عنه من المحققين لكن لنا فيه نظر من وجوه.
الأول أن معنى الإمكان الذاتي وإن كان أمرا ثابتا للمفارقات باعتبار ذواتها من حيث هي هي لكنه غير ثابت لها في نفس الأمر بل الثابت لها فيها إنما هو الوجود والتحصل بسبب الفاعل (فحينئذ) إن أراد بالقوة في قوله: معنى ما بالقوة. معنى الإمكان الذاتي فلا نسلم الملازمة المذكورة مستندين بأن ليس للعدم أو القوة الذي ينسب العقل ذات الممكن إليه باعتبار ملاحظة ذاته من حيث هي هي من دون استناده إلى الموجب التام تحقق في نفس الأمر حتى يكون له شركة في إفادة الوجود.
لا يقال: اعتبار ذات الممكن من حيث (هي هي) أيضا إنما هو بحسب نفس الأمر لا بحسب تعمل العقل فقط وإلا لكان الحكم بإمكان الممكن كاذبا.
لأنا نقول: هذا الاعتبار وإن كان من جملة أنحاء الواقع لكن صدق الحكم على شيء بحسب نحو من أنحاء الواقع لا يوجب صدقه عليه في الواقع (وهذا) كما أن سلب النقيضين عن الماهية بحسب ملاحظتها من حيث هي هي وإن كان صادقا لكن لا يصدق بحسب الواقع وإن كانت تلك الملاحظة من مراتب نفس الأمر لأن نفس الأمر أوسع وأعم من تلك المرتبة وغيرها.
والسر في ذلك أن الإمكان ورفع النقيضين وأمثالهما أمور عدمية هي سلوب تحصيلية واتصاف الشيء بالسلوب والأعدام في نحو من أنحاء الواقع لا يوجب اتصافه بها في الواقع بخلاف الأمور الوجودية فإن الاتصاف بشيء منها في نحو من الأنحاء يوجب الاتصاف به في الواقع كما أن زيدا مثلا إذا كان متحركا في مكان من الأمكنة كالسوق مثلا يصدق عليه اتصافه بهذه الصفة وإن لم يكن متحركا في سائر الأمكنة لكونها أمرا وجوديا ولا يصدق عليه مقابلها باعتبار عدم حركته في بعض الأمكنة كالبيت مثلا بل باعتبار عدم حركته مطلقا لكونه عدميا.
وهذا نظير ما قالوه