وكذا قوله بلسان الإشراق: والجواهر العقلية وإن كانت فعالة إلا أنها وسائط جود الأول وهو الفاعل.
وكما أن نور القوى لا يمكن النور الضعيف من الاستقلال بالإنارة فالقوة القاهرة الواجبة لا يمكن الوسائط لوفور فيضه وكمال قوته... انتهى.
ولقد أعجبني في هذا المقام كلام إمام الرازي في المباحث المشرقية: الحق عندي أنه لا مانع من استناد كل الممكنات إلى الله تعالى لكنها على ضربين: منها ما إمكانه اللازم لماهيته كاف في صدوره عن الباري تعالى فلا جرم يكون فائضا عنه تعالى من غير شرط.
ومنها ما لا يكفي إمكانه بل لا بد من حدوث أمر قبله ليكون الأمور السابقة مقربة للعلة الفائضة إلى الأمور اللاحقة وذلك إنما ينتظم بحركة دورية.
ثم إن تلك الممكنات متى استعدت استعدادا تاما صدرت عن الباري تعالى بلا منع وبخل وحدثت عنه ولا تأثير للوسائط أصلا في الإيجاد بل في الإعداد... انتهى.
وصاحب التحصيل استدل على هذا المطلب بقوله: وإن سألت الحق فلا تصح أن يكون علة الوجود إلا ما هو بريء من كل وجه من معنى ما بالقوة وهذا هو صفة الأول لا غير إذ لو كان مفيدا لوجود ما فيه معنى ما هو بالقوة سواء كان عقلا أو جسما كان للعدم شركة في إفادة الوجود وكان لما بالقوة شركة في إخراج الشيء من القوة إلى الفعل انتهى.