الإلهية كثيرة لكن تتميم جميعها متوقف على أن حقيقة الواجب الوجود بالذات هو الوجود البحت القائم بذاته.
وأن ما يعرضه الوجوب أو الوجود فهو في حد ذاته ممكن ووجوبه كوجوده إنما يستفاد من الغير فلا يكون واجبا.
وهذه المقدمة مما ينساق إليه البرهان ويصرح بها في كتب أهل الفن كالشفا وغيره.
وقد أسلفنا القول فيها.
وبها يندفع ما تشوشت به طبائع الأكثرين وتبلدت منه أذهانهم وضلت فيه عقولهم مما قيل: لم لا يجوز أن يكون هناك هويتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفان بتمام الماهية البسيطة يكون كل منهما واجبا لذاته ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما مقولا عليهما قولا عرضيا إذ قد علمت أنه لو كان كذلك لكان عروض هذا المفهوم لكل منهما أو لأحدهما إما معلولا لذات المعروض فيلزم تقدمه بالوجود على نفسه وهذا شنيع محال أو لغيره وهو أشنع.
بل نقول: لو نظرنا إلى نفس مفهوم الوجود المعلوم بوجه من الوجوه بديهة أدانا النظر والبحث إلى أن حقيقته وما ينتزع هو منه أمر قائم بذاته هو الواجب الحق والوجود المطلق الذي لا يشوبه عموم ولا خصوص ولا تعدد ولا انقسام إذ كل ما وجوده هذا الوجود فرضا لا يمكن أن يكون بينه وبين شيء آخر له أيضا هذا الوجود مباينة أصلا ولا تغاير فلا يكون اثنان بل يكون هناك ذات واحدة ووجود واحد.
كما أشار إليه صاحب التلويحات بقوله: صرف الوجود الذي لا أتم منه كلما فرضته ثانيا فإذا نظرت فهو هو إذ لا ميز في صرف شيء.
فوجوب وجوده الذي هو ذاته تدل على وحدته كما في التنزيل شهد الله أنه لا إله إلا هو.
وعلى موجودية الممكنات بالمعنى الانتزاعي كما في قوله: أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد.