من أن تحقق الطبيعة يكون بتحقق فرد (ما) من أفراد تلك الطبيعة وعدمها إنما يكون بعدم جميع الأفراد.
وإن أراد بها القوة الاستعدادية التي هي صفة متحققة في الواقع سلمنا الملازمة لكن لا نسلم أن العقول متصفة بها لما تقرر عندهم من أن العقول ليس لها حالة منتظرة فلو كان شيء منها مفيدا لوجود بعض الممكنات لا يلزم منه أن يكون للعدم والقوة شركة في إفادة الوجود وإخراج الشيء من القوة إلى الفعل.
الثاني: هب أن الإمكان للممكن صفة ثابتة له في الواقع لكن لا يلزم من ذلك أنه إذا كان فاعلا لشيء يكون فاعلا له من حيث كونه ممكنا بل من حيث كونه موجودا.
كما أن اللونية مثلا وإن كانت حيثية ثابتة للحيوان في نفس الأمر لكن لا مدخلية لها في تحريكه وإحساسه وهو ظاهر.
الثالث: أن ما ذكره منقوض بقولهم: إيجاد العقل الفلك بواسطة الإمكان والإمكان عدمي فأين المخلص من وساطة الإمكان فتأمل ففيه ما فيه.
طريقة أخرى أشير إليها في الكتاب الإلهي وسلكها العظيم أرسطاطاليس وهي الاستدلال بوحدة العالم على وحدة الإله.
تقريره: أنه قد استبان في الكتب الحكمية امتناع وجود عالم آخر غير هذا العالم سواء كانت فيه سماوات وأرضون وأسطقسات موافقة لما في هذا العالم بالنوع أولا بأن يقال: لو فرض عالم آخر لكان شكله الطبيعي هو الكرة والكرتان إذا لم يكن إحداهما محيطة بالأخرى لزم الخلاء فيما بينهما والخلاء محال فالقول بوجود عالم آخر أيضا محال.
فهذا هو البيان المطلق لامتناع وجود العالمين وأما البيان المختص بواحد واحد من الاحتمالين فالأول أعني ما يختص بكون كل عالم كالآخر في السماء والأرض وغيرهما بالنوع مما نقل عن المعلم الأول من أنه إذا كانت أسطقسات العوالم الكثيرة