المشترك ويقع فيها من الخارج أو ينحدر إليه ويقع فيه من الداخل فإنه كيف ما يكون كان محسوسا ويكون حصوله إبصارا.
فمهما وقع ذلك في الحس المشترك صار صاحبه مبصرا وإن كانت الأجفان مغمضة وكان في ظلمة أيضا.
والذي يتخيله الإنسان في اليقظة إنما ينطبع في الحس المشترك حتى يصير مبصرا لأن الحس المشترك مشغول بما يؤدي إليه الحواس الظاهرة وهو أغلب.
ولأن العقل يكسر من المتخيلة اختراعها ويكذبها ولا يقوي تصورها في اليقظة.
فمهما ضعف العقل عن الترديد والتكذيب بسبب مرض من الأمراض لم يمنع أن ينطبع في الحس المشترك فيرى المريض صورا لا وجود لها.
وكذا إذا غلب الخوف واشتد الموهم المخوف وضعف النفس والعقل المكذب فربما يمثل للحس المشترك صورة المخوف حتى يشاهدها ويبصرها.
ولذا يرى الجبان الخائف صورا هائلة والغول الذي يخيل في الصحاري ويسمع كلامه هذا سببه.
وقد يشتد شهوة هذا العليل لضعف ما فيشاهد ما يشتهيه ويمد إليه يده كأنه يأكله ويرى صورا لا وجود لها في الخارج بسبب ذلك.
هذا هو طريق المشائين القائلين بأن العلم بالأشياء الخارجية منحصرة بالانطباع والأول هو طريقتنا المناسبة للعلم الإشراقي.
وزاد بعض أفاضل الحكماء المشائين في هذا البيان بقوله: إذا كانت المتخيلة في إنسان ما قوية كاملة جدا وكانت المحسوسات الواردة عليها من خارج لا يستولي عليها استيلاء يستغرقها بأسرها ولا خدمتها القوة الناطقة بل كان فيها مع اشتغالها بهذين فضل كثير يفعل به أيضا أفعالها التي يخصها كانت حالها عند اشتغالها بهذين في وقت اليقظة مثل حالها عند تخيلها منها في وقت النوم وكثير من هذه الصور التي يعطيها العقل فتخيلها القوة المتخيلة مما